بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

انتصار آبل وماستركارد وفيزا في معركة الاحتكار

بوابة الوفد الإلكترونية

 في تطور قانوني مهم يمس مستقبل المدفوعات الرقمية والتنافسية في سوق التكنولوجيا المالية، نجحت عمالقة الصناعة آبل، وماستركارد، وفيزا في الإفلات من براثن دعوى قضائية ضخمة كانت تزعم تواطؤ الشركات الثلاث للحفاظ على هيمنتها والوضع الراهن لخدمات بطاقات الدفع في نقاط البيع. 

 وفقًا لتقارير وكالة رويترز، جاء هذا القرار ليصب في صالح الشركات المدعى عليها، منهيًا فصلًا من التحديات القانونية التي كان من الممكن أن تعيد تشكيل مشهد المدفوعات الرقمية العالمي.

 

تفاصيل الدعوى القضائية: اتهامات بالاحتكار والرشوة

 الدعوى القضائية الأصلية، التي رفعتها شركة ميراج واين آند سبيريتس للمشروبات في عام 2023، كانت تستند إلى ادعاءات خطيرة، فقد زعمت الشركة أن آبل كانت تقبل "رشاوى" أو "عمولات" سرية من ماستركارد وفيزا مقابل عدم تطوير شبكة دفع مفتوحة خاصة بها، أو على الأقل عدم إتاحة خاصية "الدفع باللمس" (Tap-to-Pay) القائمة على تقنية الاتصال قريب المدى (NFC) في هواتف آيفون للمنافسين. 

 كانت الدعوى تسعى إلى إثبات وجود اتفاق سري بين الشركات الثلاث يهدف إلى قمع المنافسة والحفاظ على سيطرة ماستركارد وفيزا على سوق معالجة المدفوعات.

 الأساس المنطقي للدعوى تمثل في أن إبقاء آبل على نظام الدفع باللمس عبر NFC مقصورًا على Apple Pay فقط، مع عدم فتحه لمطوري الطرف الثالث، سمح لـ ماستركارد وفيزا بفرض رسوم أعلى على المعاملات.

 وفقًا للدعوى، كانت آبل تحصل على "15 نقطة أساس (أي 0.15%) على قيمة جميع معاملات الائتمان في الولايات المتحدة، و0.5 سنت (0.005 دولار) على جميع بطاقات الخصم المباشر في الولايات المتحدة" مقابل هذه الشراكة الحصرية، هذا الاتهام يشير إلى نموذج عمل يعتمد على الحصرية لتحقيق أقصى قدر من الأرباح على حساب المنافسة المفتوحة.

 

العلاقة التاريخية بين آبل وشبكات الدفع

 من المهم الإشارة إلى أن العلاقة بين آبل وكل من فيزا وماستركارد تمتد لسنوات طويلة، وهي ليست وليدة اليوم. فخدمة Apple Pay، التي تم إطلاقها لأول مرة، كانت تعتمد بشكل أساسي على شبكات الدفع التابعة لـ فيزا وماستركارد لمعالجة المعاملات. هذه العلاقة العميقة تمتد أيضًا إلى المنتجات المالية الأخرى لآبل؛ فبطاقة Apple Cash في Apple Wallet هي بطاقة Visa، وبطاقة Apple Card الائتمانية هي بطاقة Mastercard. هذا التكامل يعكس شراكة استراتيجية طويلة الأمد كانت تهدف إلى توفير حلول دفع سلسة لمستخدمي آبل.

 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 2014 أن كلًا من ماستركارد وفيزا وأمريكان إكسبريس كانوا جميعًا جزءًا من عملية التطوير الأصلي لخدمة Apple Pay. هذا يشير إلى أن التعاون بين هذه الشركات لم يكن مجرد ترتيب تجاري، بل كان جزءًا لا يتجزأ من تصميم وتطوير واحدة من أنجح خدمات الدفع الرقمي في العالم، مما يعقد من فكرة وجود تواطؤ سري لاحق.

 في نهاية المطاف، قرر القاضي رفض الدعوى لعدم وجود أدلة قاطعة تدعم الادعاءات بأن آبل كانت تخطط بالفعل لتقديم شبكة دفع خاصة بها، وبالتالي لم يكن هناك ما يثبت أنها تلقت رشاوى لعدم تطويرها. وصف القاضي الادعاءات بأنها "سلسلة من الادعاءات الظرفية"، مما يعني أنها لم ترق إلى مستوى الأدلة المباشرة التي تدعم التهم الموجهة.

 ومع ذلك، لم يغلق القاضي الباب تمامًا أمام المدعي. فقد أبدى انفتاحه على إمكانية تعديل الدعوى وإعادة رفعها في المستقبل، مما يترك بصيص أمل للمدعين إذا تمكنوا من جمع أدلة أكثر قوة ومباشرة في المستقبل. هذا القرار يعكس التحدي الكبير في إثبات قضايا مكافحة الاحتكار، خاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقات تجارية معقدة وطويلة الأمد.

آبل وتغييرات NFC: استجابة للضغوط التنظيمية

 منذ عام 2023، أجرت آبل تغييرًا مهمًا واحدًا على الأقل على كيفية عمل Apple Pay ومدفوعات NFC، وهو تغيير من المرجح أن يؤثر على طبيعة أي دعاوى قضائية مستقبلية. فكجزء من امتثالها لـ قانون الأسواق الرقمية (DMA) للاتحاد الأوروبي، فتحت آبل معاملات الدفع عن طريق اللمس NFC أمام أي مطور يقوم ببناء نظام الدفع غير التلامسي الخاص به. هذا التغيير لا يقتصر على أوروبا فحسب، بل يمتد ليشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أيضًا، مما يعكس التزام آبل بالامتثال للوائح التنظيمية العالمية التي تهدف إلى تعزيز المنافسة في السوق الرقمية.

 هذا التحول في سياسة آبل، الذي جاء تحت ضغط الهيئات التنظيمية، قد يقلل من حجج المدعين في المستقبل، حيث أن أحد الادعاءات الرئيسية في الدعوى المرفوعة عام 2023 كان يتعلق بإحجام آبل عن إتاحة خاصية NFC لمطوري الطرف الثالث.

  بفتح هذه الخاصية، تكون آبل قد أزالت جزءًا كبيرًا من الأساس الذي بنيت عليه الدعوى الأصلية، مما قد يجعل من الصعب على المدعين إعادة رفعها بنفس الحجج في المستقبل.