بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

حوادث الطرق في القليوبية.. نزيف مستمر وشوارع تبحث عن الأمان

حوادث الطرق بالقليوبية
حوادث الطرق بالقليوبية

 

في كل صباح، يتكرر المشهد ذاته على طرق محافظة القليوبية، صرخات واستغاثات، أجساد ممزقة، وأرواح تُزهق، ودماء تبلل الأسفلت. حوادث الطرق لم تعد مجرد أرقام في دفاتر المرور، بل تحولت إلى كابوس يطارد الأهالي، ويهدد أمن واستقرار آلاف الأسر التي تقطن مدن ومراكز وقرى المحافظة. وبينما تسير السيارات على طرق متآكلة تفتقر لأدنى معايير الأمان، يبقى السؤال المؤلم: إلى متى يظل الطريق فخًا للموت؟!

وخلال النصف الأول من عام 2025، تصاعدت وتيرة الحوادث المرورية بمحافظة القليوبية بصورة لافتة، حيث شهدت الطرق الرئيسية والفرعية ما يزيد عن 120 حادثًا كبيرًا، أسفرت عن مصرع نحو 80 شخصًا، وإصابة أكثر من 270 آخرين بإصابات تراوحت بين الخطيرة والمتوسطة. وتنوعت أسباب تلك الحوادث ما بين السرعة الزائدة، وتدهور حالة الطرق، وغياب الإنارة، فضلًا عن قيادة مركبات دون ترخيص أو بإهمال جسيم من قبل السائقين.

ففي مركز بنها، أسفر حادث انقلاب سيارة على طريق بنها – شبرا الخيمة عن مصرع شخصين وإصابة 12 آخرين، بينما شهد طريق سنديون شللًا مروريًا نتيجة انقلاب سيارة نقل ثقيل. أما في مركز شبين القناطر، فقد تكررت حوادث التصادم بين الدراجات النارية والسيارات، وكان أبرزها مصرع شاب يبلغ من العمر 23 عامًا في حادث مروع على طريق "شبين القناطر – الطبالين". كما شهد مركز طوخ حوادث مماثلة، من بينها تصادم سيارتين نصف نقل على الطريق الزراعي، ما أدى لإصابة عدة أشخاص، فضلًا عن حوادث انقلاب ميكروباصات ومركبات سوزوكي في مناطق متفرقة.

ورغم ما يمثله الطريق الدائري الإقليمي من أهمية استراتيجية كبيرة كمحور يربط القليوبية بالمحافظات المجاورة، فإن غلقه المؤقت خلال أعمال الصيانة تسبب في اختناق مروري خانق على الطرق الداخلية، لا سيما بنها وشبرا الخيمة والخصوص وقليوب، وزادت التحويلات المرورية غير المهيأة من معاناة المواطنين، وساهمت في ارتفاع احتمالات وقوع الحوادث نتيجة الارتباك المروري وسوء حالة الطرق البديلة.

وتكمن خطورة الأمر في أن العديد من الطرق الحيوية بالمحافظة، مثل الطريق الزراعي "القاهرة – الإسكندرية"، وطريق "بنها – شبرا"، و"قليوب – شبرا الخيمة"، تشهد كثافة مرورية مرتفعة، وتتسم بسوء البنية التحتية، وغياب العلامات الإرشادية، وقلة الإنارة، وعدم وجود مطبات في نقاط عبور المشاة، مما يجعلها مصيدة مفتوحة للموت اليومي.

ومن جانب آخر، تعاني كباري المشاة في مناطق مثل بنها وقليوب وشبرا الخيمة من الإهمال، وافتقارها للصيانة والإنارة، ما يدفع المواطنين لعبور الطرق سيرًا وسط السيارات المسرعة، معرضين حياتهم للخطر، كما لا توجد بدائل آمنة في كثير من المناطق، مما يزيد من معدلات الإصابات والوفيات.

وفي مواجهة هذا النزيف المستمر، تتطلب المرحلة الحالية تحركًا عاجلًا من جميع الجهات المعنية. فلابد من تطوير شامل لشبكة الطرق بالمحافظة، سواء من حيث الرصف، أو الإضاءة، أو تركيب الإشارات الذكية في التقاطعات الخطرة، وتكثيف الرقابة المرورية، وتفعيل الرادارات للحد من السرعات الجنونية، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعية شاملة للمواطنين والسائقين حول قواعد القيادة الآمنة، وأهمية احترام قوانين المرور.

إن طرق القليوبية لم تعد تحتمل المزيد من الدماء، والأرواح البريئة التي تزهق بلا ذنب، ولا بد أن تكون تلك الحوادث ناقوس خطر يدق بشدة، لعلّه يوقظ ضمير المسؤولين، ويضع نهاية قريبة لهذا المسلسل المأساوي الممتد لسنوات طويلة.