بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هل التحدث مع الله في السجود يبطل الصلاة؟

بوابة الوفد الإلكترونية

أثارت بعض العبارات المنتشرة بين الناس مثل "كلم ربنا في السجود وقوله كل اللي في قلبك" تساؤلات شرعية حول مدى صحة التحدث مع الله خلال الصلاة، وخاصة في السجود، وهل يُعد ذلك من الدعاء المشروع أم أنه قد يخرج الصلاة عن ضوابطها؟

الشيخ محمود الطحان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أجاب عن هذا التساؤل بوضوح، مؤكدًا أن السجود موضع للدعاء المشروع فقط، وليس للحديث العادي مع الله كما يتحدث الإنسان مع الناس، وأن أي كلام خارج إطار الأدعية المشروعة يُعد من "كلام الناس" الذي يُبطل الصلاة.

 

 السجود موضع دعاء لا حديث

في حديث تلفزيوني، قال الشيخ الطحان:"السجود في الصلاة هو لحظة خضوع بين يدي الله، ويُشرع فيه الدعاء، لكن لا يصح أن يتحول إلى مناجاة بالكلام المعتاد أو الحديث العامي. الدعاء في السجود ينبغي أن يكون مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما يشبهه في المعنى والأدب".

وشدد على أن مناجاة الله في الصلاة لا تعني استخدام لغة الحديث اليومي أو العبارات الشخصية التي لا تنتمي إلى نصوص الدعاء الشرعية، بل يجب أن يكون الدعاء ملتزمًا بالأدعية المأثورة أو بما يقاربها في الشكل والمضمون.

 

 حديث النبي دليل على بطلان الكلام في الصلاة

واستشهد الشيخ الطحان بحديثٍ صحيحٍ رواه الإمام مسلم، حيث قال معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه:"بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون أفخاذهم يسكتونني، فلما رأيتهم يسكتونني، لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس".

وأوضح الشيخ أن الحديث يدل دلالة صريحة على أن الصلاة عبادة لها ضوابطها، وأي خروج عنها بالكلام غير المشروع يُبطلها، حتى لو كان الكلام حسن النية أو نابعًا من شعور روحي.

 

 "كل اللي في قلبك".. نعم ولكن وفق الضوابط

علّق الشيخ الطحان على العبارات المتداولة مثل "كلم ربنا في السجود وفضفض"، قائلًا:"هذا الكلام يحمل نية طيبة، لكنه قد يُفهم خطأ. المقصود ليس الحديث العفوي خارج صيغة الدعاء، بل أن تدعو الله بما شئت من حاجاتك ضمن صيغة الدعاء، بأدبٍ شرعي، لا أن تتحدث مع الله كما تتحدث مع صديقك".

وأضاف أن الدعاء المشروع واسع جدًا، ويشمل كل ما يتمناه المسلم في الدنيا والآخرة، وأمثلة ذلك كثيرة، منها قول الله تعالى:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}،
أو {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}.

وأكد أن مثل هذه الأدعية تشمل معاني الخير كلها دون الحاجة إلى الخروج عن النصوص أو استخدام أساليب عامية غير منضبطة.