بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

سلمى.. سيدة الخبز في بنها تحمل الوجع على رأسها وتوزع الكرامة في كل خطوة

سلمى السيد
سلمى السيد

 وسط شوارع قرية "كفر الجزار" التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، تمضي "سلمى السيد محمد خاطر" في صمت، حاملةً على رأسها أقفاص الخبز، وعلى كتفيها جبالاً من المسؤولية، وفي قلبها حلم واحد: الستر وتربية أبنائها الثلاثة بالحلال.

 تجاوزت سلمى الخمسين من عمرها، لكنها لم تتوقف يومًا عن الكفاح. جسدها النحيل لا يعكس حجم ما تحمله من أعباء، ولا يعبر عن قوة الإرادة التي تسكنها. هي أم، وأب، وعاملة، ومُعيلة.. تحمل الخبز يوميًا من المخابز إلى بيوت كبار السن والمرضى، في مهمة إنسانية لا تعرف التعب ولا المقابل الكبير، فقط جنيهات بسيطة تكفي لتسد بها جوع أولادها.

 وعندما تنتهي من جولة الخبز، تبدأ جولة جديدة. تذهب للأسواق لتشتري الخضراوات، تغسلها وتجهزها وتقطعها، ثم تتجول بها على قدميها لتوصلها إلى الزبائن. لا تملك وسيلة نقل، ولا تعرف الراحة، بل تمشي ساعات طويلة تحت حرارة الشمس أو برد الشتاء، في رحلة يومية عنوانها: "من أجل لقمة شريفة".

 ورغم هذه المعاناة، لا تعرف سلمى للشكوى طريقًا. تقول بصوت خافت يملؤه الإيمان:
"نفسي في ستر.. نفسي ألاقي معاش أصرف بيه على عيالي، أو مشروع بسيط يخليني أعيش بكرامتي بدل ما أمشي كل يوم شايلة الوجع على راسي".

أهالي القرية يعرفونها جيدًا، ويكنّون لها احترامًا كبيرًا.
تقول إحدى جاراتها:
 "سلمى دي ست بميت راجل.. بتشتغل من الفجر، ومفيش بيت في كفر الجزار ما يعرفهاش. دي مثال للشرف والأمانة".
ويضيف آخر:
 "تستحق كل دعم. ست شقيانة وربنا يعينها.. لو في جهة تساعدها بمعاش أو حتى مشروع صغير، هتتغير حياتها هي وولادها".

 سلمى لم تطلب الكثير، لم تطلب بيتًا فاخرًا أو راتبًا كبيرًا. كل ما ترجوه من الحياة هو أن تُكمل رسالتها كأم، وأن تُطعم أبناءها من حلال تعبها، وأن تعيش بكرامة بعيدًا عن السؤال أو الحاجة.

 هي ليست فقط سيدة الخبز ببنها، بل رمز حي للمرأة المصرية المكافحة، التي رغم قسوة الحياة، تُصرّ على أن تمشي في طريق الحلال، ولو كان شاقًا، حاملة فوق رأسها أقفاص خبز، وفوق قلبها أمل لا يموت.