أبشع جرائم الغدر.. جنايات أسيوط تؤجل قضية قتل مساعد وزير الداخلية الأسبق وزوجته

في قاعة مهيبة تملؤها رهبة العدالة، انعقدت الدائرة الحادية عشرة بمحكمة جنايات أسيوط، وسط ترقب شديد، لنظر واحدة من أبشع جرائم القتل التي هزت الرأي العام المصري، بطلها خيانة أمانة تحولت إلى دماء، وغدر نُفذ بدم بارد، راح ضحيتهما مساعد وزير الداخلية الأسبق لمكافحة المخدرات وزوجته داخل منزلهما بمدينة أسيوط.
وبرئاسة المستشار أحمد عبد التواب صالح، وعضوية المستشارين ضياء الدين أحمد دهيس، وعلاء الدين سيد عبد المالك، وبحضور ممثل النيابة العامة عمرو أبو سديرة، وأمانة سر كل من عادل أبو الريش وزكريا حافظ، قررت المحكمة تأجيل محاكمة المتهمين في القضية حتى جلسة 5 أغسطس المقبل، وذلك لمناقشة كبير الأطباء الشرعيين بأسيوط، بطلب من هيئة الدفاع عن المتهمين، والتي تمسكت كذلك بضرورة الاطلاع على دفتر غرفة عمليات النجدة الخاص بيوم الواقعة.
وقائع الجريمة: ثقةٌ مغدورة ونهايات مأساوية
البداية كانت ببلاغ دموي، لكن تفاصيله حملت كل عناصر الخيانة والنذالة، بعد أن وجهت النيابة العامة تهمة القتل العمد المقترن بالسرقة والحريق للمتهمين ناصر عثمان جابر (41 عامًا) وعبد العال محمود عبد العال الشهير بـ"سيد العفريت" (37 عامًا)، يعملان "نقاشين"، وتمت إحالتهما لمحكمة الجنايات بقرار من المستشار تامر القاضي، المحامي العام لنيابات جنوب أسيوط الكلية.
وفقًا لأمر الإحالة، فإن المتهم الأول استغل عمله داخل مسكن المجني عليه، اللواء محمد محسن علي طه بداري، حيث كان يؤدي عمله كنقاش، وكان اللواء قد منحه ثقته وأدخله منزله، لكنه لم يكن يعلم أن تلك الثقة ستكون هي مفتاح نهايته. تآمر النقاش مع صديقه، واتفقا على تنفيذ خطة شيطانية للاستيلاء على أموال ومصوغات وأسرة بأكملها، بلا ذرة رحمة.
استدراج وقتل.. مشهد قاتم من فيلم رعب حقيقي
وفي يوم 26 أكتوبر الماضي، بدأ المتهم الأول خطوات الجريمة بتنسيق كامل مع شريكه. استدرج اللواء محمد محسن إلى خارج منزله، مفسحًا المجال أمام المتهم الثاني للتسلل إلى الداخل، حيث كانت زوجة المجني عليه، السيدة هدى بداري علي حسين، وحيدة في الداخل.
لم يكن في قلب القاتل ذرة من رحمة، فباغتها بطعنة غادرة في عنقها، وهي في موضع نومها، لتلفظ أنفاسها الأخيرة وسط دمائها، دون أن تجد فرصة للدفاع عن نفسها.
وعند عودة اللواء إلى المنزل، انفرد به المتهمان، وانهال عليه الأول ضربًا بوحشية حتى سقط فاقدًا لقوته، ليجهز عليه الثاني بذبح عنقه بسكين، في مشهد دموي لا يمكن لعقل أن يتصوره. كل ذلك كان بهدف واحد: القتل لتسهيل السرقة، وضمان الهرب من العقاب.
حريق متعمد لإخفاء الجريمة
لكن الجريمة لم تتوقف عند القتل فقط، بل سعى المتهمان لإخفاء آثار جرمهما الشنيع بإشعال النار في المنزل. سكبوا البنزين داخل المسكن، وأشعلوا النيران في محاولة لإحراق الأدلة، قبل أن يفروا من مسرح الجريمة محملين بما سرقوه: مصوغات ذهبية، أموال، وهواتف محمولة، وكل ما خف وزنه وغلا ثمنه.
أسلحة وأدوات للقتل
وجهت النيابة العامة كذلك للمتهمين تهم حيازة أسلحة نارية وبيضاء بدون ترخيص، منها "فرد محلي الصنع"، و"سكين"، و"يد هون منزلي"، استخدمت جميعها في تنفيذ الجريمة المروعة.
المتهمان ينكران.. والمحكمة تواصل الإجراءات
أمام منصة القضاء، وقف المتهمان وأنكرا كافة التهم المنسوبة إليهما. بينما طالب دفاعهما بمناقشة كبير الأطباء الشرعيين، وتقديم سجل عمليات النجدة ليوم الواقعة، مما دفع المحكمة لتأجيل نظر القضية لإتمام تلك الإجراءات، في جلسة منتظرة في 5 أغسطس المقبل.
الجريمة التي جمعت بين الخيانة، الغدر، القتل، السرقة، والحريق العمد، لا تزال تفاصيلها تلقي بظلالها الكئيبة على قاعة المحكمة، بينما يترقب الشارع المصري العدالة، التي تمضي في طريقها دون أن تنسى دماء من رحلوا.