بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

نقش صخري نادر في أسوان يكشف أسرار النخبة الحاكمة في مصر القديمة

نقش صخري
نقش صخري

 في كشف أثري غير مسبوق، عثر علماء الآثار على نقش صخري مصري نادر يعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، في منطقة قرب مدينة أسوان، ويتوقع أن يسهم في إماطة اللثام عن أسرار النخبة الحاكمة في بدايات الدولة المصرية، قبل قرون من تشييد الأهرامات الشهيرة.

مشهد ملكي محفور على واجهة صخرية:

 يتضمن النقش شخصية جالسة على متن قارب مزخرف، يقودها شخص بمجداف طويل وتُسحب بواسطة خمسة أفراد آخرين، في مشهد رمزي غني بالدلالات السياسية والدينية. 

 وتتميز الشخصية الجالسة بلحية مزيفة طويلة مدببة، وهي سمة ارتبطت بالحكام المصريين في العصور اللاحقة، مما يشير إلى مركزها المرموق.

 ووفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة الآثار، يُعتقد أن هذا النقش يُجسد أحد أفراد النخبة العسكرية والسياسية من فترة الأسرة الأولى، وهي الحقبة التي شهدت بداية توحيد مصر العليا والسفلى، وتشكُّل نواة الدولة الفرعونية على يد الملك نارمر في حوالي عام 3100 قبل الميلاد.

نقشٌ من مرحلة التحول التاريخي:

 رغم أن الباحثين يستبعدون أن يكون النقش لشخصية الفرعون نارمر نفسه، إلا أن الأسلوب الفني وطبيعة المشهد يشيران إلى أن الشخصية كانت ذات نفوذ كبير في فترة الانتقال السياسي من المجتمعات المحلية إلى الدولة المركزية.

 وجرى العثور على النقش في نتوء صخري من الحجر الرملي يُطل على نهر النيل، في موقع كان يُستخدم كمحجر منذ العصر البطلمي حتى اليوم. 

 وكان مغطى بالركام ويقع في تجويف ضيق يصعب الوصول إليه، ما حافظ على حالته الجيدة نسبيًا.

الرمزية الكبرى للقارب في الفن المصري:

  وقال الدكتور دوريان فان هول، عالم المصريات من متحف مالجري توت في بلجيكا، إن القارب عنصر رمزي متكرر في الفن المصري القديم، يحمل معاني عقائدية وسياسية معقدة، بدءًا من رحلات الآلهة وحتى استعراضات السلطة الدنيوية.

 وأضاف: "النقوش الصخرية كانت وسيلة تستخدمها السلطات المبكرة لترسيخ حضورها في الجغرافيا والسياسة، وكانت بمثابة إعلان دائم للسلطة والسيادة".

أدلة على صراع وتوحيد بالقوة:

 تشير التغيرات في الأيقونات المصورة في تلك الفترة، مثل اختفاء الجماعات ذات الريش وحلول شخصية واحدة ترتدي تاجًا محلها، إلى تحول في مركزية السلطة. 

 ويُعتقد أن توحيد مصر لم يتم بسلاسة، بل كان نتيجة لصراعات ومواجهات دامية بين الكيانات الإقليمية.

 ولا يمثل هذا النقش فقط قطعة فنية نادرة، بل يفتح نافذة على مرحلة مفصلية في تاريخ البشرية، حين بدأت أولى ملامح الدولة تظهر في وادي النيل. 

 كما يُعد إضافة مهمة لفهم الدور الذي لعبه الفن في التعبير عن السيادة خلال نشوء واحدة من أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ.