بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

تأملات

سلاح إسرائيل الأخير فى غزة

رغم أن الحرب الإسرائيلية على غزة تدخل هذه الأيام شهرها الثانى والعشرين، فإن أى متابع لما يجرى لا بد أن ينتابه الذهول من قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود حتى الآن، مع الإقرار فى الوقت ذاته بخسائر تتجاوز ما يمكن تصوره على صعيد المدنيين فى القطاع. لا يتعلق الأمر بصمود فقط، وإنما بامتلاك زمام المبادرة لحد القيام بعمليات نوعية ضد العدو تجعله يعترف رغم كل التعتيم بأنه يواجه أيامًا صعبة، حدث ذلك الأسبوع الماضى إثر مقتل 7 من جنوده، وتكرر أمس الأول إثر مقتل 5 آخرين فى كمين إطلاق النار على قوات جيش الاحتلال فى بيت حانون.

الملفت للنظر أن ذلك كله يتم فيما تمتلك إسرائيل أحدث الأسلحة التى تزودها بها الولايات المتحدة مقابل ما يمكن اعتباره افتقاد المقاومة للسلاح المناسب لمعركة بهذا الحجم ما يشير بشكل واضح لطبيعة الاختلال غير المنطقى فى القوة العسكرية لصالح الكيان الصهيونى.

ورغم أن الصمت الدولى بشأن ما يجرى فى غزة من عمليات ترتقى لمستوى الإبادة الجماعية يمكن استيعابه رغم التنديد به فى ضوء تبعية قطاع غير محدود من الدول خاصة الغربية للولايات المتحدة، إلا أن ما يزيد الطين بلة هو مواقف الدول العربية التى يصمت بعضها عما يجرى وكأنه يجرى فى عالم ثان، فيما لا تتوانى دول أخرى عن مواصلة تعاونها مع إسرائيل ليس فقط على صعيد المعاملات الاقتصادية وغيرها وإنما على صعيد تهيئة الأوضاع للنيل من الفلسطينيين.. وهذا موضوع آخر.

كان من الطبيعى فى ظل سير الأمور على هذا النحو أن تندحر المقاومة منذ البدايات وتحقق إسرائيل أهدافها من الحرب، ليتم إسدال الستار ولتصبح غزة فى قبضة الكيان بالكامل دون مقاومة تذكر. غير أنه بعد كل ما جرى ما زالت إسرائيل تعانى الأمرين فى فرض سيطرتها على غزة، للدرجة التى تتزايد معها الأصوات داخلها بوقف الحرب هناك فى ظل ما يلحق بها من خسائر. وسط كل ذلك ربما لم تجد حكومة نتنياهو أمامها من سبيل سوى اللجوء إلى سلاح الخيانة والعمالة من أجل حسم المعركة وهو السلاح الذى أثبت نجاحًا كبيرًا فى حربها الواسعة منذ بعد طوفان الأقصى سواء فى لبنان أو فى إيران.

على المنوال ذاته يسعى الكيان الصهيونى لحسم معركته فى غزة بعد طول فشل وعجز من خلال توظيف عملاء وخونة لكسر شوكة المقاومة فى غزة الأمر الذى يتخذ أشكالًا عديدة تجعلك تشعر بالحسرة على وجود أمثال هؤلاء واستعدادهم المثير للدهشة لبيع وطنهم بثمن بخس.

لا نريد أن نشارك فى عملية تعزيز تبادل الاتهامات فى ذلك الوقت الحرج وهو الأمر الذى لن تستفيد منه سوى إسرائيل ولكن لعل أبرز مظاهر هذا النهج الذى تمارسه إسرائيل يتمثل فيما تقوم به جماعة ياسر أبو شباب التى تسلحها إسرائيل وتنشط فى رفح لنشر الفوضى والانفلات الأمنى وسحب البساط من حركات المقاومة الفعلية، الأمر الذى وصل لحد تبرؤ عائلة أبو شباب من ياسر واعتباره خارجًا عن نهج العائلة الوطنى والأخلاقى.

وإذا كان ناقل الكفر ليس بكافر إلا أننا نشير بحذر إلى ما ذكرته صحيفة «يديعوت احرونوت» بشأن عمل مجموعات مسلحة من حركة فتح ضد حماس فى غزة. لسنا فى مجال الوعظ أو النصيحة غير أنه إذا كانت الدوائر كلها قد دارت على المقاومة، فإن من أبسط الجوانب أنه ربما كانت الكارثة التى تواجه الفلسطينيين تقتضى فى المقام الأول والأخير تعاونهم وليس عمالة فريق منهم لصالح العدو.

 

[email protected]