بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رسائل المواطنين في مهب الريح.. لا حياة لمن تنادي!

وهم منظومة الشكاوى الحكومية.. مقبرة إلكترونية لصرخات المواطنين!

بوابة الوفد الإلكترونية

في مشهد يختزل مأساة العلاقة بين الدولة والمواطن، تقف منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة – التابعة لمجلس الوزراء – كشاهد عيان على فشلٍ إداري مؤسسي، وغيابٍ تام لثقافة الاستجابة.

 

آلاف الشكاوى تتدفق يوميًا عبر البريد الإلكتروني والموقع الرسمي للمنظومة، لكنها تصطدم بجدار من التجاهل، والصمت البيروقراطي، والردود الآلية الباردة، ليخرج المواطن في النهاية صفر اليدين، ويهمس في حسرة: "ولا حياة لمن تنادي!

منذ إطلاقها، سوقت الحكومة للمنظومة باعتبارها "قناة رسمية مباشرة بين المواطن وصناع القرار"، ووعدت باستجابة سريعة وفعالة، إلا أن الواقع يرصد حقيقة أخرى أكثر مرارة: منصة تبتلع الشكاوى وتدفنها بصمت مريب. مواطنون يشتكون من الظلم، الفساد، انهيار الخدمات، البطالة، المرض، الجوع... ثم لا يحدث شيء!

 

كلمة "تم اتخاذ اللازم"... أكبر كذبة حكومية؟ 

الرد الأكثر تداولًا من الجهات الحكومية على الشكاوى هو العبارة الشهيرة: "تم اتخاذ اللازم". لكن ما هو هذا "اللازم"؟ لا أحد يعلم، ولا أحد يتابع، ولا يوجد مسار شفاف لمراجعة الإجراءات. وكأن المطلوب فقط هو الرد، لا الحل!..والخطورة أن هذا الفشل لم يعد عابرًا أو ناتجًا عن عجز، بل أصبح سياسة ممنهجة من التجاهل الرسمي. المواطن يدفع الثمن من أعصابه وصحته وكرامته، في حين تتحصن الوزارات خلف جدران الصمت، لا محاسبة ولا رقابة ولا شفافية ، المفارقة المحزنة أن المواطن، الذي أُنهك من ارتفاع الأسعار، والبطالة، وتراجع الخدمات، لا يجد حتى من يسمع صوته. منظومة الشكاوى التي كان يُفترض أن تكون الملاذ الأخير، تحولت إلى مقبرة إلكترونية لصراخه.

 

أن الحكومة تروج دومًا لمنصة "منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة" باعتبارها جسر التواصل المباشر بين المواطن والدولة، إلا أن الواقع المؤلم يكشف عن عجز هذه المنظومة عن أداء دورها الحقيقي. فالمواطن يشتكي، والردود إما غائبة أو شكلية، والمشكلات تتراكم دون حلول.

 

آلاف الشكاوى تُرسل يوميا من  بسطاء وفقراء يبحثون عن مأوي أو  علاج، موظفين تائهين بين تعسف المسؤولين، وأسر تبحث عن لقمة عيش تحفظ الكرامة. لكن الجواب غالبًا يكون: "تم اتخاذ اللازم"، دون تغيير يذكر على أرض الواقع ويظل المواطن المسكين ينتظر ويترقب الرد لكن دون جدوى.

 

رسائل المواطنين في مهب الريح.. لا حياة لمن تنادي!

في الوقت الذي تعاني فيه الطبقات البسيطة من غلاء الأسعار وتدني الخدمات، تتحول المنظومة إلى واجهة إعلامية دون مضمون فعلي ، ليس هناك رصد حقيقي للمشكلات، ولا آلية فعالة للرقابة أو المحاسبة ، وعندما بحثنا لم نجد أرقام حقيقية جميعها وهميه لشكاوى بلا جدوى.. وثقة تتآكل لأن ، تكرار التجاهل يُفقد المواطن ثقته في الدولة، ويعمق شعور الغربة داخل وطنه. والكارثة أن بعض الجهات تتعامل مع الشكوى وكأنها تهمة، لا نداء استغاثة...

 

وأكد خبراء ومراقبون أن هذا النظام ليس تكنولوجيا فارغة ولا واجهة إعلامية، بل هو صِمَام أمان اجتماعي ، وأي خلل فيه يُنذر بانفجار شعبي صامت، لأن من لا يسمع صوت الناس، سيفاجأ لاحقاا بصراخهم في الشارع ، مؤكدين أنه اذا كانت الحكومة جادة في الإصلاح، فعليها إصلاح منظومة الشكاوى أولًا، وتفعيل آليات الرقابة والشفافية، لا الاكتفاء بالشعارات.

 

 وإلا، ستبقى "لا حياة لمن تنادي" هي العنوان الحقيقي لعلاقة المواطن بالحكومة… إذا كانت الدولة جادة في بناء الثقة، فلابد من إصلاح جذري لهذه المنظومة ، واقترحوا مؤكدين أنه اذا إن كانت الحكومة جادة  أيضا في استعادة جسور الثقة مع الناس، يتم تخصيص منظومه ديوان المظاليم تابعه لرئاسة الجمهورية هو بداية الطريق الصحيح لتفعيل هذه المنظومة..

 

عدلي حسين....الحل في ديوان المظاليم تابع لرئاسة الجمهورية لجدية البث في الشكاوي 

يقول المستشار عدلي حسين رئيس محكمة استئناف الأسبق ومحافظ القليوبيه سابقاً أنه في ظل تعقيد الإجراءات الحكومية، وتكرار شكاوى المواطنين من غياب الاستجابة، بات من الضروري أن تتخذ الدولة خطوة جريئة تعيد ثقة المواطن في مؤسساتها، وتضع حدًا لتجاهل صوته. ولهذا، يبرز مقترح تشكيل "ديوان المظالم" التابع لرئاسة الجمهورية، كخطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والإدارية فشكاوى بالآلاف تُرسل يوميًا إلى الوزارات ولا تجد من يقرأها ، ولجان التحقيق الداخلية كثيرًا ما تنحاز لموظفيها وتغلق الملفات ،والمواطن يواجه الحائط الصلب للبيروقراطية، دون نوافذ للإنصاف ، فكانت الحاجة إلى منظومة وطنية عليا، ذات سلطة رقابية مباشرة، تتبع رئاسة الجمهورية، مهمتها استقبال شكاوى المواطنين في كافة المجالات (صحية، تعليمية، خدمية، إدارية، قانونية...) ، كذلك التحقيق فيها من خلال فرق قانونية ورقابية مستقلة وإصدار قرارات ملزمة لكل جهة حكومية برد الحقوق ومحاسبة المقصرين.

 

وأضاف رئيس لجنة فض النزاعات بوزارة العدل أن الهيكل المقترح لديوان المظالم رئاسة مباشرة من مكتب رئيس الجمهورية ، فروع في كل محافظة ترتبط إلكترونيًا بالمركز الرئيسي ، وربط مباشر بكل وزارة وهيئة حكومية، بحيث لا يُغلق أي ملف تظلم إلا بتوقيع من الديوان ، لكي تكون منصة إلكترونية تتيح التظلم والتتبع خطوة بخطوة.

 

وقدم نماذج من واقعنا تكشف الحاجة العاجلة للديوان ، مثل موظف تم فصله تعسفيًا من وزارة ولم تُقبل شكواه لأشهر ، ومريض تُوفي بسبب الإهمال ولم تتحرك وزارة الصحة للتحقيق ، وسيدة مطلقة تنتظر شقة إسكان منذ 8 سنوات دون رد ، وشاب أرسل عشرات الشكاوى بشأن فساد في جهة خدمية ولم يسمع صوته أحد وآلاف الشكاوي الخاصه بتاخر تكافل وكرامه و وغيرها من الشكاوي ، كلها حالات حقيقية، والمشترك بينها هو غياب جهة عادلة تُنصف المواطن دون مصالح أو مجاملات ، وانهي حديثه قائلا " إن تأسيس "ديوان المظالم" ليس ترفًا إداريًا، بل واجب وطني وضرورة في زمن تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية. المواطن البسيط لا يطلب المستحيل، بل فقط: أن يجد من يسمعه، ومن يُنصفه، ومن يُعيد له حقه.