هَذَا رَأْيِي
ليس الإقليمى فقط
لا تزال حوادث الطرق تمثل تحديًا يعكس خللًا فى بنيتنا التحتية، طريقة تطبيق القانون، وتفاعل المجتمع، وللوصول إلى بيئة مرورية آمنة، لا بد من اتباع نهج شامل علمى مدروس لوقف نزيف الدماء على طرق مصر المحروسة.. حوادث الطريق الدائرى الاقليمى خلال أسبوع واحد وما لقوا مصرعهم والذين بلغ عددهم ٣٠ ضحية أغلبهم فتيات فى عمر الزهور بخلاف المصابين كشفت عن العديد من أسباب ومسببات الكوارث التى تلاحقنا صباحا ومساءًا وينتج عنها عشرات الضحايا بين قتيل وجريح وكأننا نخوض حرب حامية الوطيس.. تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عام ٢٠٢٤ يشير إلى أن عدد الوفيات 5,260 وفاة نتيجة حوادث طرق، وأن عدد المصابين 76,362 مصابًا، الذكور شكلوا 83,6٪ من الوفيات (4,397 رجلًا مقابل 863 سيدة). وأن الشباب دون 24 عامًا هم الفئة الأكثر تضررًا: 32,4٪ من الإصابات و23.2٪ من الوفيات .
هذه الأرقام المفزعة يكشف لنا مدى التردى الذى تشهده طرق الموت رغم إنفاق مئات المليارات من الجنيهات على هذه الطرق والكبارى خلال العشر سنوات الأخيرة.. حسب التقارير الفنية وآراء الخبراء فإن حوالى 15% - 16% من حوادث الطرق تعود إلى حالة الطرق، بينما 56% - 76% تنتج عن أخطاء بشرية مثل السرعة الزائدة، ضعف تدريب السائقين، وعدم الالتزام بالقواعد.
رغم أن العنصر البشرى الأكبر مشارك فى الحوادث، إلا اننا لا يمكن تجاهل دور البنية التحتية السيئة فى تفاقمها، وتقع المسئولية فى تفاقم الكارثة بعيدا عن العنصر البشرى على عدد من الجهات أولها الإدارة العامة للمرور، الشركة الوطنية للطرق، الهيئة العامة للطرق والكبارى، المحافظين ورؤساء المدن الجديدة كلُ فى دائرة اختصاصه.. إجمالًا، يعود تدهور الطرق فى مصر إلى مزيج من العوامل منها الحمولة الزائدة، سوء التصميم، ضعف الصيانة، الظروف المناخية، الأخطاء البشرية، والفساد الإدارى. وللحد من الانهيار السريع للطرق وتقليل الحوادث، تحتاج مصر إلى نهج شمولى يجمع بين البنيّة التحتية المتينة، تطبيق صارم للقوانين والمراقبة الذكية، تخطيط هندسى دقيق يعمل على سلامة المستخدمين، تحرك جاد يضع أرواح البشر وسلامتهم قبل تحصيل الرسوم والغرامات.. مصر بحاجة إلى خبراء وتطبيق علمى مدروس لمشكلات تصميم الطرق مثل المنعطفات والأرصفة غير الآمنة.. طرق مصر بحاجة إلى وقفة جادة مع الحمولات الزائدة والتى تُعدّ السبب الأساسى لتلف الطرق، خاصة مع استخدام أساطيل نقل بضائع مهترئة تتحمل أضعاف الطاقات التصميمية للطريق، وحسب آراء الخبراء فإن الحمولة الزائدة تقلل العمر الافتراضى للطريق من ١٥ عامًا إلى ٥ سنوات فقط.. مصر بحاجة إلى حصر الطرق التى تم تنفيذها بمواصفات فنية منخفضة، دون التخطيط المناسب أو الدراسات الهندسية الدقيقة ومحاسبة المسئولين والمتورطين فى هذا الأمر.. طرق مصر بحاجة إلى تطبيق صارم لمعايير السلامة سواء غياب الإنارة الكافية، الإشارات، اللوحات التحذيرية، ونقاط الإسعاف والتى تضيف مخاطر أخرى تجعل الطريق خطيرًا خصوصًا فى المناطق الريفية وصعيد مصر.. طرق مصر بحاجة إلى إزالة المطبات الصناعية غير قياسية (عشوائية)، ومحاسبة صانعيها والتى تسبب العديد من الحوادث.. مصر بحاجة إلى مكافحة الفساد وضعف الرقابة خاصة فى تنفيذ وصيانة شبكة الطرق والكبارى.. طرق مصر بحاجة إلى الكف عن الاستعانة بشركات غير مؤهلة، والفساد الذى يطال عقود التنفيذ والصيانة، وتنفيذ غير احترافى يؤدى لإهدار المال العام وانهيار البنية التحتية لطرق مصر خاصة فى الصعيد.. طرق مصر بحاجة إلى تصميم هندسى شامل للطرق، بمعايير واضحة تشمل الدرابزين، الإضاءة، الإشارات ونقاط الإسعاف.. طرق مصر بحاجة إلى تبنى نظُم استقلالية وذكية لإدارة المرور، مراقبة الأداء، وتطبيق المخالفات، مثل الكاميرات الإلكترونية.. مصر بحاجة إلى تعزيز الرقابة والمحاسبة على مجمعات تنفيذ الطرق وتعاقداتها، لضمان الجودة، والحد من الفساد الإدارى.
فهل من مجيب؟