حريق سنترال رمسيس… مؤشر خطير على غياب إجراءات الأمان
الحريق الذي اندلع في سنترال رمسيس ليس مجرد حادث عرضي يمكن تجاوزه أو التهوين من أثره، بل هو جرس إنذار مدوٍّ يكشف عن ثغرة فادحة في ملف تأمين المنشآت الحساسة في الدولة، خاصة تلك التي تتعامل مع شبكات الاتصالات والمعلومات، والتي تُعد في أي دولة متقدمة أعصاب الأمن القومي.
فكيف لمبنى بهذه الأهمية، يقع في قلب العاصمة، أن يخلو — فيما يبدو — من منظومة إنذار مبكر فعالة، أو نظام إطفاء ذاتي يستطيع على الأقل احتواء الحريق في دقائقه الأولى إلى حين وصول قوات الدفاع المدني؟!
الأصل في المرافق الاستراتيجية أن تكون مؤمّنة ضد الحرائق على أعلى مستوى، ليس فقط بوسائل يدوية أو طفايات متناثرة على الجدران، بل بأنظمة إلكترونية متطورة تستشعر الدخان أو الارتفاع المفاجئ في الحرارة، وتبدأ تلقائيًا بإجراءات الإطفاء، مع تنبيه الفرق المختصة. هذا هو الحد الأدنى الذي يُفترض أن يكون موجودًا في أي منشأة من هذا النوع.
ما حدث يُحمّل المسؤولية لجهات متعددة، تبدأ من الإدارة الفنية للسنترال، مرورًا بـ وزارة الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات، وصولاً إلى الحماية المدنية والجهات الرقابية، التي يُفترض أن تقوم بتفتيش دوري على جاهزية المباني الحيوية وفقًا لكود السلامة المصري.
هذا الحادث ليس مجرد خلل تقني، بل إهمال مؤسسي، لا يجوز السكوت عليه، ويجب أن يكون مدخلًا لمراجعة شاملة لملف تأمين المنشآت، والتأكد من أن كل مبنى حيوي في الدولة — سواء كان مركز اتصالات أو مستشفى أو محطة كهرباء أو حتى أرشيف حكومي — يتمتع بمستوى أمان يتناسب مع ما يمثّله من قيمة وخطورة.
الحريق أخمدته قوات المطافئ بعد فوات الأوان، لكن النار الأكبر هي نار الإهمال التي يجب أن نطفئها من الجذور… قبل أن تلتهم ما لا يمكن تعويضه.