بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ليلة سوداء في تاريخ الاتصالات.. حريق سنترال رمسيس يُربك الشبكات وخطة لإصلاح ما أفسده الدخان

بوابة الوفد الإلكترونية

في واحدة من أصعب الليالي التي مرت على البنية التحتية للاتصالات في مصر، خيم ألسنة الدخان على سماء القاهرة، ليس فقط بسبب النيران التي اشتعلت في سنترال رمسيس، بل بسبب حالة الارتباك الواسعة التي ضربت شبكات الإنترنت والمحمول والخدمات الرقمية في أنحاء الجمهورية.

 لم يكن مجرد حريق عادي، بل اختبار قاسٍ لقدرة النظام على التحمل، وكشفٌ لما تعنيه "سنترالات وسط البلد" من ثقل في قلب الشبكة الوطنية.

حريق سنترال رمسيس يُربك مصر الرقمية

اندلعت النيران عصر يوم الإثنين في أحد الطوابق الرئيسية بسنترال رمسيس، أحد أكبر المراكز الفنية التابعة لشركة "المصرية للاتصالات"، ليتحول الحادث إلى أزمة حقيقية، تجاوزت حدود المبنى إلى تأثير مباشر على المواطنين، حيث شهدت شبكات المحمول تباطؤًا ملحوظًا، وتوقفت خدمات الإنترنت الأرضي عن العمل في بعض المناطق، كما تعطلت بعض أنظمة الدفع الإلكتروني.

الارتباك وصل إلى محطات القطارات، حيث تعطلت أنظمة الحجز الإلكترونية لفترة، قبل أن تبدأ بالعودة تدريجيًا إلى الخدمة مع تدخل الفرق الفنية.

 لماذا تأثرت الشبكات بهذا الشكل؟

بحسب مصادر من داخل قطاع الاتصالات، فإن سنترال رمسيس يُعد نقطة محورية في بنية الشبكة القومية، ويحتوي على معدات مركزية لخدمات الإنترنت والدوائر الدولية وخدمات الاتصالات الحكومية.

الفريق الفني بالشركة المصرية للاتصالات أوقف التيار الكهربائي عن المبنى كإجراء احترازي، ما أدى إلى توقف عدد من الخوادم والمبدّلات المركزية، وهو ما أثر بشكل مباشر على الخدمة في بعض المناطق المتصلة بهذا السنترال.

ورغم وجود خطوط احتياطية، فإن حجم الضغط المفاجئ على البدائل تسبب في بطء الشبكات واختناقات تقنية، خصوصًا في الأحياء القريبة من وسط البلد.

 جهود الاستجابة: إطفاء وتحقيق واستعادة خدمة

في مشهد درامي، وصلت سيارات الإطفاء تباعًا إلى الموقع، وانتشرت قوات الحماية المدنية في محيط السنترال، حيث تم إخلاء المبنى والتعامل مع النيران التي تجددت أكثر من مرة، وتمت السيطرة الكاملة بعد ساعات طويلة من الجهد، بمشاركة فرق الحماية المدنية، والهندسة، والطوارئ.

كما شُكلت غرفة عمليات طارئة داخل وزارة الاتصالات لمتابعة الموقف لحظة بلحظة، بينما باشرت الشركة المصرية للاتصالات تنفيذ خطة تحويل الشبكات على بدائل آمنة، لضمان استمرار الخدمة، وإعادة الاتصالات تدريجيًا.

وزير الاتصالات يعود من جنيف لمتابعة الأزمة

وبينما تساءل البعض عن غياب وزير الاتصالات عن المشهد، فإن الدكتور عمرو طلعت في مهمة رسمية بجنيف، يشارك خلالها في فعاليات القمة العالمية لمجتمع المعلومات WSIS+20، بمشاركة وزراء ومسؤولين دوليين من أكثر من 60 دولة، لكن، فور علمه بالأزمة، أوضحت مصادر بقطاع الاتصالات أن الوزير قرر قطع زيارته والعودة إلى القاهرة فورًا لمتابعة تطورات الأزمة بنفسه من مقر غرفة العمليات.

متى تعود الخدمة بشكل كامل؟

أكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن الفرق الفنية تعمل حاليًا على مدار الساعة لإعادة كافة الخدمات المتأثرة، وأن خدمة الإنترنت الأرضي والمحمول بدأت بالفعل في التحسن بشكل تدريجي، مشيرة إلى أن الاستقرار الكامل للشبكة سيستغرق ساعات قليلة فقط.

وأشار الجهاز إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سبب الحريق قد يكون ماس كهربائي بأحد الطوابق الفنية، في حين سيُعلن عن التقرير النهائي بعد انتهاء أعمال الفحص الفني من قبل فرق السلامة والطوارئ.

 الدرس الأهم: هل نحتاج شبكة أكثر مرونة؟

الحادث كشف بوضوح عن حجم الاعتماد الكبير على سنترالات مركزية في تقديم خدمات الاتصالات، ما يطرح تساؤلات حول ضرورة إعادة هيكلة البنية التحتية لتكون أكثر توزيعًا ومرونة، بما يضمن استمرارية الخدمة حتى في حالات الطوارئ والكوارث.

ما جرى في سنترال رمسيس لم يكن مجرد حريق، بل ناقوس خطر، وتجربة حقيقية لاختبار صلابة شبكة الاتصالات المصرية في ظل طموحات التحول الرقمي، وبينما تتسابق الفرق الفنية لاستعادة كل خدمة توقفت، ينتظر المواطن المصري إجابة واحدة: هل نحن مستعدون بالفعل لعصر يعتمد كليًا على التكنولوجيا؟