بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الأحلام تصطدم بالإهمال.. وفاة طالبة جامعية وإصابة 9 عاملات في حادث بالشرقية

الطالبة
الطالبة

شهد طريق «بلبيس – مسطرد» أمام قرية المنير التابعة لمركز مشتول السوق بمحافظة الشرقية، مساء أمس، حادثًا مأساويًا جديدًا يضاف إلى سلسلة من الكوارث التي يدفع ضريبتها البسطاء، حيث لقيت فتاة جامعية مصرعها، وأصيبت تسع أخريات، جميعهن من عاملات اليومية، إثر انقلاب سيارة ربع نقل كانت تقلهن عقب انتهاء يوم عمل شاق.

الضحية التي خطفها الموت في ريعان شبابها، هي الطالبة فاطمة أحمد يونس «20 عامًا»، التي لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بجراحها خلال محاولات إنقاذها بعد نقلها من مستشفى مشتول السوق المركزي إلى مستشفى الزقازيق الجامعي. 

المفارقة المؤلمة أن فاطمة كانت طالبة متفوقة في كلية التجارة جامعة الزقازيق، وقد تم تكريمها منذ يومين فقط لحصولها على تقدير دراسي مرتفع، قبل أن تنتهي حياتها بطريقة مأساوية.

كانت فاطمة تعمل كعاملة يومية في العطلات والمناسبات لتوفير نفقات دراستها ومساعدة أسرتها البسيطة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، لم تكن تتوقع أن يكون طريق العودة من العمل هو طريق وداعها الأخير.

 الحادث وقع عندما اصطدمت سيارة ربع نقل تقل الفتيات بسيارة شيفروليه، ما أدى إلى انقلابها على جانب الطريق. وأسفر الحادث عن مصرع فاطمة في الحال، بينما أُصيبت 9 أخريات بإصابات متفرقة ما بين كسور وجروح وكدمات.

التحقيقات كشفت أن سائق السيارة، ويدعى «أحمد. ص. م» يبلغ من العمر 27 عامًا، كان يقود بسرعة جنونية، دون حيازة رخصة قيادة سارية، في استهتار واضح بأرواح الركاب الذين وثقوا فيه، وهم في الأغلب من العاملات البسيطات اللاتي يركبن هذه النوعية من السيارات التي تُستغل لنقل العمال في غياب وسائل مواصلات آدمية وآمنة.

وقد تم التحفظ على السائق، وتحرر محضر بالواقعة حمل رقم 5851 جنح مشتول السوق لسنة 2025، وجارٍ استكمال التحقيقات من قبل النيابة العامة التي أمرت بانتداب لجنة فنية لفحص أسباب الحادث بدقة، كما طالبت بسرعة تقارير المستشفيات بشأن المصابات.

خيم الحزن على أهالي قرية المنير والقرى المجاورة فور علمهم بالحادث، حيث تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى دفتر عزاء مفتوح للراحلة فاطمة، التي شهد لها الجميع بحُسن السيرة والاجتهاد الدراسي والخلق الرفيع.

وقال أحد أهالي القرية:
فاطمة كانت من أنبغ الطالبات في الجامعة، لم تكن تستحق هذه النهاية. كانت تحلم بوظيفة محترمة، لكنها كانت تساعد أسرتها في مصاريف الدراسة من خلال عملها في الحقول أو المصانع، مثل كثير من بناتنا.

هذا الحادث يعيد إلى الواجهة أزمة نقل العاملات اليوميات في سيارات غير مؤهلة، وفي ظروف تفتقر إلى أدنى معايير السلامة، وسط غياب الرقابة على السائقين والمركبات. إذ تتكرر هذه المشاهد المؤلمة في القرى والمراكز، خاصة في مواسم العمل الزراعي والصناعي، حيث تُنقل العاملات في سيارات نصف نقل مخصصة للبضائع، وليس للركاب، وبحمولات تتجاوز الحدود المسموح بها.

ويطالب الأهالي المسؤولين في وزارة الداخلية والنقل، وكذلك المحافظات، بضرورة إيجاد حلول جذرية تضمن نقل العاملات والعمال في وسائل آمنة ومنظمة، خاصة في مناطق الريف التي تفتقر إلى وسائل مواصلات كافية.

قصة فاطمة لم تنتهِ عند وفاتها فقط، بل أصبحت رمزًا لمعاناة آلاف الفتيات اللاتي يضحين بأمانهن اليومي في سبيل الحصول على لقمة العيش ومواصلة التعليم.

قصتها تفتح بابًا للنقاش حول مسؤولية الدولة تجاه أبناء الطبقة الكادحة، وضرورة إعادة النظر في منظومة النقل والعمل والضمان الاجتماعي للعاملات المؤقتات.