بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الصميم

أزمة الطرق.. تقدم عالمى وواقع مؤلم

الطرق فى مصر أصبحت حديث الساعة بين التصنيفات الدولية التى تشير إلى تقدم ملحوظ، والواقع الذى يعكس صورة مؤلمة ومليئة بالتحديات.

على الرغم من وصول مصر إلى مراتب عالية وفق تقارير عالمية مثل منتدى دافوس الاقتصادى وتصنيف الدول الإفريقية والعربية فى جودة البنية التحتية للطرق، يبقى الحال على الأرض مغايرًا.. حوادث مرورية متكررة وأرواح تُفقد يوميًا فى مشهد مأساوى أضحى مألوفًا لدى المصريين.

الواقع يكشف أن شبكة الطرق المصرية شهدت تطورات ملموسة سواء من حيث الامتداد أو جودة الرصف، كما تؤكد التقارير الرسمية.. ولكن، المشكلات التى تواجهها منظومة الطرق لا تزال تُلقى بظلالها الثقيلة، فتأتى الحوادث كدليل واضح على فجوات كبيرة تستحق الاهتمام العاجل.

السؤال الذى يطرح نفسه: هل الأزمة مرتبطة فقط بالبنية التحتية؟ أم أنها تتداخل مع قضايا أخرى مثل ضعف الرقابة المرورية، أو القيادة غير المسئولة، أو حتى خلل فى منظومة الصيانة والإدارة؟

التحديات ليست موزعة بشكل أحادي؛ فهى خليط معقد من مشكلات تتنوع بين تهالك بعض الطرق الداخلية، عدم الالتزام بالمعايير المطلوبة مثل الإضاءة واللافتات التحذيرية، والتساهل فى التعامل مع عربات النقل الثقيل التى تسببت فى العديد من الكوارث، بالإضافة إلى ذلك، هناك غياب للرقابة الذكية على الطرق السريعة، مما يزيد من تفاقم المشكلة.

الحلول يجب أن تتجاوز مشاريع التوسعة وبناء الطرق الجديدة، من الضرورى وضع خطة شاملة تشمل بناء قاعدة بيانات دقيقة لتحليل مواقع الحوادث وأسبابها، واستخدام التكنولوجيا الحديثة عبر كاميرات مراقبة ذكية لتسجيل الانتهاكات مباشرة، وإعادة تأهيل العاملين بجهاز المرور وتدريبهم بشكل يضمن الكفاءة والردع.

مع ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة ضد المخالفات المرورية مثل القيادة المتهورة، وتعاطى المخدرات أثناء القيادة، إلى جانب إطلاق حملات توعية مجتمعية تُشرك المواطن فى تحقيق الأمان المرورى.

إن تحسين جودة الطرق لا ينبغى أن يُقتصر على تحسين الصورة أمام التقارير الدولية فقط؛ فالأمر يتعلق فى الأساس بحياة الناس وأمنهم.

ما لم تتحول هذه الإنجازات من أرقام وبيانات إلى واقع يومى ملموس يشعر فيه المواطنون بالأمان، سيظل نزيف الأسفلت علامة فارقة تعكس الحاجة الماسة إلى إصلاح شامل يُعيد هيبة الطريق ويحافظ على أرواح البشر.

فى ظل تصاعد التجاوزات، لا بد أن تتحرك الدولة بخطة شاملة لضبط الأمن على الطرقات، تبدأ بزيادة عدد وحدات المرور وتكثيف وجودها الفعلى على المحاور الحيوية، مع تفعيل الدوريات المتحركة لضبط المخالفين فى حينها، وليس بعد وقوع الكارثة.

ويجب إطلاق حملات توعية مستمرة، تستهدف السائقين والشباب تحديدًا، بمخاطر القيادة المتهورة والتعدى على الأرواح، إلى جانب تخصيص خطوط ساخنة للمواطنين للإبلاغ الفورى عن أى تجاوز أو سلوك مريب يهدد سلامة الطريق. لا يكفى أن ننتظر وقوع الحوادث لنندم؛ بل يجب أن نعيد فرض هيبة القانون على الطريق.

[email protected]