كاريزما
أحكام أدبية قاتلة!
** فى الأربعينيات من القرن الماضى فوجئ الوسط الأدبى بمجموعة من الانتقادات أو القرارات أو الأحكام تصدر عن كبيرنا - فى الأدب والفكر - الدكتور طه حسين: أكد فيها أن اشعار إبراهيم ناجى مجرد قصائد صالونات ولا ترقى عن ذلك، بينما قال عن أمير الشعراء أحمد شوقى إنه أعاده لتراث القدماء أما شاعر النيل حافظ إبراهيم فقد وصفه طه حسين بالمجدد الحقيقى للقصيدة العربية، بينما قال عن شاعر القطرين خليل مطران: إنه النموذج الأعلى للقصيدة العربية يكتب ولا يقلد ويستقبل إلهاماته من تراثنا الأصيل.
** هذه التصريحات أو البيانات القاتلة، لم تمر مرور الكرام خاصة أن قائلها هو عميد الأدب العربى، أما إبراهيم ناجى فقد ترك وطنه وقرر الهجرة إلى أوروبا، وظل متنقلاً بين باريس ولندن وروما شهوراً، ولكنه عاد أخيراً إلى وطنه وأثناء العودة تعثرت قدمه واستعان بعكاز وقال قولته الشهيرة: تركت بلادى حاملاً همى، وعدت إليها حاملاً ساقى.
** أما أمير الشعراء فقد عاش فى حزن وفى إحدى جلساته أعترف لأصدقائه بأن طه حسين ظلمه بل قتله، هل تناسى أننى مؤسس المسرح الشعرى، وكيف يتجاهل ويتجاوز دوره فى تجديد الشعر العربى بعد كساد القصيدة بعد المتنبى وأبوالعلاء المعرى ثم بعد البارودى. وفى قمة كمده وغيظه وصف شوقى، طه حسين بأنه أعمى يملى وبرغم قسوة الكلمة وعدم لياقتها، إلا إنه لم يعتذر عنها. وكان يقصد أنه أعمى البصر والبصيرة.
** هذا الصدام بين المبدع والناقد لن ينتهى. وفى عصرنا الحاضر رأينا الشاعر نجيب سرور - وقد استبد به اليأس من النقاد فقال عنهم فى إحدى قصائده: النقاد سحالى الجبانات!.
** نجيب محفوظ قبل نوبل ١٩٨٨ كان وجبة شهية للنقاد، أكثر من كتب عنه هاجمه وشرعوا فى قتله من قبل أن يحاول الإخوان المسلمون. وقد حكى لى الناقد الدكتور عبدالقادر القط أثناء رئاسته لتحرير مجلة إبداع أن ناقداً كبيراً سحب مقالته من المجلة بعد فوز نجيب محفوظ بنوبل، لأن المقال كان سباً وتجريحاً فى إبداعه - وهو ناقد يعيش فى لندن منذ سنوات - رجح البعض أنه الدكتور صابر حافظ.!
** ولكن فى المقابل نجد أن عشرات المبدعين الحقيقيين ماتوا كمداً فى بداياتهم لأن الأقلام صوبت مجاناً لقتلهم، وعلى المدى تصاعدت أسماء متواضعة وصارت نجوماً فى عالم الأدب والفن لأن النقد والتقييم الجاد غير موجود، وقد مع تلك قضية الضمير الأدبى.