هل يجوز حجز مكان في المسجد بسجادة ثم مغادرته؟
في كثير من المساجد، يُلاحظ قيام بعض المصلين بوضع سجادة في الصفوف الأولى أو في أماكن معينة، ثم يغادرون المكان ويعودون لاحقًا، وكأنهم ضمنوا حق الجلوس فيه، هذا التصرف قد يسبب حرجًا للبعض، ويثير التساؤل: هل يجوز شرعًا حجز مكان في المسجد دون الجلوس فيه؟
الجواب جاء صريحًا من الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، في فتوى نشرها عبر صفحاته الرسمية، موضحًا أن المسألة محل خلاف بين العلماء، لكن الراجح منها هو عدم الجواز.
الأصل: السبق بالأجساد لا بالسجاد
استشهد الدكتور لاشين بحديث النبي ﷺ:
"من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به"
[رواه أبو داود والطبراني والبيهقي]، مشيرًا إلى أن السبق إلى الأماكن العامة - كالمساجد - يكون بالجلوس الفعلي، لا بمجرد وضع سجادة أو أي شيء آخر.
الرأي الأول: لا يجوز الحجز
وفق هذا الرأي، فإن ما يفعله البعض من وضع السجادة لحجز المكان ثم المغادرة غير مشروع، ولا يترتب عليه أي حق. ويجوز لمن حضر بعده أن يرفع السجادة ويجلس.
ومن أبرز أدلتهم:
- أن السبق يكون بالأجساد لا بالأغراض.
- أن السجادة الموضوعة لا حرمة لها ويمكن رفعها.
- أن هذا التصرف يؤدي إلى تخطي الرقاب عند العودة، وهو فعل نهى عنه النبي ﷺ.
- أن الحاجز قد يتسبب في إفساد النظام، خصوصًا عند امتلاء المسجد.
الرأي الثاني: يجوز الحجز
يرى فريق آخر جواز حجز المكان ولو بشيء كالسجادة، ويستدلون بـ:
- أن رفع السجادة فيه تعدٍّ على صاحبها.
- أن رفعها قد يسبب خصومة ومشاحنات، والخصومة في بيوت الله غير مشروعة.
- أنهم قاسوا ذلك على من تسوّر أرضًا مباحة بالأحجار تمهيدًا لإحيائها، فلا يحق لغيره نزع ملكيته لها.
لكن الدكتور لاشين ردّ على هذا القياس، معتبرًا إياه قياسًا فاسدًا، لأن شؤون الدين لا تقاس على المصالح الدنيوية.
الرأي الراجح: لا يجوز
خلصت الفتوى إلى أن الراجح هو عدم مشروعية حجز الأمكنة في المساجد، أو في أي مكان عام، إلا بالجلوس الفعلي، لا بمجرد ترك الأغراض.
وختم الدكتور عطية فتواه بقوله:"والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد".