أم مصرية تُجرد من أطفالها في الغربة.. صرخة استغاثة تنتظر عدالة منصفة

في قلب معاناة إنسانية تمزج بين مشاعر الأمومة والخذلان، تقف السيدة "هـ. م"، وهي أم مصرية تواجه صراعًا قانونيًا وعاطفيًا لاستعادة حضانة أطفالها، بعد أن حُرمَت منهم قسرًا، إثر انتقالهم إلى إيطاليا بصحبة والدهم السيد "و. الديب"، دون علمها أو موافقتها، في واقعة تحمل كل أركان الانتهاك لحقوق الأمومة والطفولة.
بداية القصة: طلاق غيابي وسفر مفاجئ
تعود جذور الأزمة إلى عام 2015، حين تم طلاق السيدة هـ.م من زوجها السابق السيد و. الديب غيابيًا ودون علمها، في مصر.
وبعد سنوات من الانفصال، طلب الأب منها عام 2022 الموافقة على سفر الأطفال إلى إيطاليا من خلال دعوة "لم شمل الأسرة"، مؤكدًا أن الهدف لا يتعدى استخراج الإقامة الإيطالية، دون نية للإقامة الفعلية هناك، وبالفعل، سافر الأطفال يوم 1 مارس 2022 وعادوا قبل بداية العام الدراسي 2022/2023.
لكن في مايو 2023، استخدم الأب ثغرة قانونية تتعلق بزواج الأم من رجل آخر، مما أسقط عنها الحضانة وفقًا للقانون المصري، وخطف الأطفال دون إذن منها، وسافر بهم إلى إيطاليا في 15 مايو من العام ذاته، ليبدأ فصلٌ جديد من فصول المعاناة.

منذ لحظة مغادرة الأطفال لمصر، لم تعد الأم قادرة على التواصل معهم أو معرفة أي شيء عنهم، حيث حجب الأب كل وسائل الاتصال، في محاولة لمنع أي علاقة بين الأم وأطفالها، والضغط عليها نفسيًا لترضخ لأمر الواقع.
اضطرت الأم للجوء إلى منظمات المجتمع المدني في إيطاليا عبر جمعية خيرية، وكان طلبها الوحيد هو التواصل مع أطفالها عبر مكالمات فيديو يشرف عليها مكتب التضامن الاجتماعي.
في البداية، تجاوب الأب وسمح بعدة مكالمات في مارس وأبريل 2025، لكن المكالمات كانت مراقبة من قِبله وزوجته الحالية، وجرى توجيه الأطفال نفسيًا لاتهام والدتهم بأنها "سبب في إبعادهم عن والدهم" فقط لأنها لجأت للمساعدة.
محاولات تسوية فاشلة
بذلت السيدة هـ.م جهودًا مضنية لإيجاد حل ودي، وكلفت محامية للتواصل مع محامي السيد و. الديب، وتم التوصل لاتفاق أولي حول وساطة عائلية، كان من أبرز بنودها:-
السماح للأم بالتواصل مع أطفالها عبر الهاتف ثلاث مرات أسبوعيًا دون رقابة.
استمرار الأطفال في الدراسة بإيطاليا، على أن يقضوا إجازة صيفية لمدة شهرين في مصر مع والدتهم.
تخصيص نفقة شهرية للأطفال خلال الإجازة تُقدر بـ400 يورو لكل طفل.
ورغم قبول الطرفين لهذه البنود، عرقل أحد أقارب السيد و. الديب، والذي كان حاضرًا في اجتماعات الوساطة هذه الجهود، واتخذ موقفًا عدائيًا متشددًا، واعتبر مطالب الأم تعسفية وغير مبررة.
وفي 23 أبريل 2025، فاجأ السيد و. الديب الجميع بقراره إلغاء الوساطة، وطلب من محاميته سحب التوكيل، ليُغلق باب التفاهم نهائيًا.
الطريق إلى القضاء
أمام انسداد جميع السبل، قررت السيدة هـ.م اللجوء إلى القضاء المصري، ورفعت دعوى قضائية لاسترداد الحضانة، وحررت محضرًا بالواقعة يوثق ما تعرضت له من انتهاك لحقوقها كأم.
نداء إنساني
لا تطلب الأم المستحيل، بل مجرد حقها الطبيعي والشرعي في رؤية أطفالها والاطمئنان عليهم، بعد أن حُرمت منهم بقرار أحادي لا يخضع لأي منطق عائلي أو إنساني.
تقول الأم في كلمات يعتصرها الألم: "لا أطلب أكثر من رؤيتهم، أن أسمع أصواتهم دون قيود، أن أكون أمًا لهم ولو عن بعد".
قضية السيدة هـ.م تسلط الضوء على ثغرات قانونية تُستغل أحيانًا لتقييد حقوق الأمهات، وتهدد بتفتيت الروابط الأسرية، ما يستدعي وقفة مجتمعية وقانونية جادة لإنصاف كل أم تُحرم من فلذات أكبادها.

أمل الفخراني: نطالب بقوانين عادلة تنصف المرأة المصرية وأطفالها في الخارج
وفي هذا الصدد، صرّحت أمل الفخراني، الوسيطة الثقافية والأسرية في إيطاليا، ومؤسسة جمعية "الأسرة المثالية" المعنية بحل قضايا الأسرة المصرية بالخارج، بأن كثيرًا من السيدات المصريات المقيمات في إيطاليا يقررن البقاء هناك بعد الانفصال، بسبب غياب الدعم المادي من الطرف الآخر، وعدم قدرتهن على إعالة أسرهن في مصر، إلى جانب نظرة المجتمع القاسية للمرأة المطلقة.
وأكدت الفخراني في تصريح خاص للوفد، أن هناك حاجة مُلحة لقوانين منصفة تحمي المرأة المصرية وأطفالها بعد الانفصال، قائلة: "أناشد الدولة المصرية أن تنظر بجدية إلى قضايا الأسر المصرية في الخارج، خاصة تلك التي يتخلى فيها الأب عن مسؤولياته تجاه أطفاله. لا بد من أن تُسقط عنه الولاية والحضانة إذا ثبت أنه غير كفء أو غير كفيل بهم".
وأضافت: "نحن في حاجة إلى تشريعات واضحة تتعامل مع هذه النوعية من القضايا، والتي أصبحت متكررة وليست فردية، خاصة مع تزايد عدد المصريين المقيمين في الخارج".
واختمت الفخراني تصريحها بمناشدة خاصة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لإيجاد حلول تشريعية عادلة لهذه القضايا، التي تمس استقرار مئات الأسر المصرية في المهجر، مؤكدة أن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل.