ترمب يفرض رسوماً تصل إلى 40%
الصين تستعد لمواجهة اتفاقات أمريكية تستهدف استبعادها من سلاسل التوريد العالمية

في وقت تواصل فيه الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين صمودها، تتصاعد مخاوف الصين من تحركات أميركية لإبرام اتفاقات تجارية مع شركاء في آسيا وأوروبا تهدف إلى تحجيم دورها في سلاسل الإمداد العالمية.
وتكثّف واشنطن جهودها قبل حلول الموعد النهائي في 9 يوليو الجاري، لإبرام اتفاقات تشمل قيوداً على المكونات الصينية، واشتراطات لمجابهة ما تعتبره ممارسات تجارية غير عادلة من جانب بكين.
وفي خطوة تصعيدية جديدة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اتفاق جمركي مع فيتنام يقضي بفرض رسوم بنسبة 20% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، ترتفع إلى 40% على السلع التي يُشتبه بأنها أُعيد تصديرها من الصين أو تحتوي على مكونات صينية، وذلك ضمن مساعي واشنطن لمكافحة ما تُعرف بـ"إعادة التصدير المقنّعة".
ويستهدف هذا الإجراء بضائع تُجمع بشكل محدود في فيتنام قبل تصديرها إلى الأسواق الأميركية، وهي صيغة مشابهة لبنود موجودة بالفعل في اتفاق التجارة الأميركي مع كندا والمكسيك.
ورغم إعلان ترمب عن أبرز ملامح الاتفاق، لم يصدر البيت الأبيض تفاصيل رسمية، مما يفتح باب الترقب لمدى تأثير هذه الخطوة على صادرات الصين المتزايدة إلى فيتنام.
في الأثناء، تخوض الهند مفاوضات مع واشنطن بشأن قواعد المنشأ ضمن اتفاق مماثل، حيث تصرّ الولايات المتحدة على أن تكون 60% من القيمة المضافة للمنتج محلية حتى يُصنّف "صُنع في الهند"، بينما تسعى نيودلهي لخفض هذه النسبة إلى 35%.
من جانبها، أعربت الصين عن رفضها لأي اتفاقات تجارية تُبرم على حساب مصالحها، مؤكدة أنها سترد بقوة على أي تهديدات. وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان: "الصين لن تقبل بأي اتفاق ينتقص من مصالحها، وستتخذ إجراءات صارمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة".
وتحذر بكين من أن مثل هذه الاتفاقات قد تُفاقم من تبعات ما يُعرف بـ"حرب ترمب التجارية"، خاصة على دول آسيوية تعتمد اقتصادياً على الطلب الأميركي وفي الوقت نفسه تستورد مكونات صناعية من الصين، مثل فيتنام وتايوان وكمبوديا.
وتسابق الدول الآسيوية الزمن لتفادي العقوبات الأميركية. فقد أطلقت كوريا الجنوبية حملة ضد ممارسات إعادة التصدير، فيما أصدرت تايوان تشريعات تُلزم مصدّريها بالإفصاح الكامل عن منشأ المنتجات المتجهة للولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، تشعر بكين بقلق متزايد من سعي واشنطن لإقناع دول أخرى بفرض قيود على صادرات التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، في وقت بدأت فيه دول مثل تايوان بتقييد تعاملاتها مع شركات صينية بارزة مثل هواوي، دون موافقة حكومية مسبقة.
وتمتد الضغوط الأميركية إلى أوروبا أيضاً. إذ تخشى بكين أن يوافق الاتحاد الأوروبي على بنود تجارية صارمة مماثلة لتلك التي وردت في الاتفاق بين واشنطن ولندن، خاصة ما يتعلق بضوابط الملكية وقواعد المنشأ في قطاعات حساسة كالأدوية والصلب والألمنيوم.
وتحذّر أوساط صينية من أن هذه التحركات قد تؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية على أسس جديدة تستبعد الصين بشكل ممنهج، ما دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى دعوة دول جنوب شرق آسيا للتمسك بـ"التكامل الآسيوي" ومواجهة محاولات تفكيك النظام التجاري الإقليمي.
وغالباً ما تلجأ الصين إلى إجراءات تجارية مضادة للرد على سياسات تعتبرها معادية. فقد سبق أن فرضت رسوماً انتقامية على منتجات أوروبية ويابانية وأسترالية، في نزاعات سابقة تتعلق بالسيادة التجارية.
ويؤكد محللون أن أي اتفاقات تتضمن إشارات مباشرة أو غير مباشرة لتقييد الصين ستقابل بردود حازمة من بكين، في إطار سعيها لحماية مكانتها في الاقتصاد العالمي.