هل تدبر القرآن وحفظه فرض على كل مسلم؟

طرح أحد المواطنين، ويدعى عادل توفيق من قرية نبنهور بمحافظة البحيرة، سؤالًا هامًا لدار الإفتاء المصرية، حول فهمه للآية الكريمة:﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[ص: 29]، وسأل: هل التدبر هو الفرض المطلوب من كل مسلم؟ وهل الحفظ واجب أيضًا أم لا؟
الشيخ أحمد وسام: التدبر واجب.. والحفظ فضيلة
جاء الرد من الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عبر البث المباشر للصفحة الرسمية لدار الإفتاء، وقد بدأ أولًا بتوجيه التحية للسائل، مثمنًا حسن صياغته واهتمامه بالقرآن الكريم، قائلًا:"في البداية، أحيي هذا السائل الكريم على لغته الجميلة، وعلى محبته الصادقة للقرآن. فإن من ذاق حلاوة القرآن، تراه يتكلم من أعماق قلبه، وكأن قلبه هو الذي ينطق".
وأضاف وسام:"ما أجمل أن يكون للعبد علاقة حقيقية مع كلام الله، علاقة تذوق وتدبر ومحبة، فالقرآن ليس فقط كتاب تلاوة، بل هو منهج حياة وشفاء ورحمة ونور".
التدبر في القرآن.. واجب شرعي على قدر الطاقة
أوضح أمين الفتوى أن تدبر آيات القرآن الكريم هو غاية من غايات نزوله، وهو أمر واجب على كل مسلم، بقدر ما يستطيع أن يفهم ويتأمل، دون أن يشترط الحفظ الكامل للقرآن.
وقال:"الله تعالى أمر بتدبر القرآن في مواضع كثيرة، وذمّ من أعرض عنه، فالتدبر هو الذي يُثمر الفهم، والفهم هو الذي يقود إلى العمل والتطبيق، وهذا هو المقصد الأسمى من إنزال الوحي".
وتابع:"ليس المطلوب أن يكون المسلم عالمًا أو حافظًا حتى يتدبر، بل يكفي أن يقرأ بقلبٍ حاضر، ونية صادقة، ويفتح عقله ووجدانه لآيات الله، حتى ينتفع بها".
هل الحفظ فرض؟ الإفتاء توضح
أما عن حفظ القرآن الكريم، فأوضح الشيخ وسام أنه ليس فرضًا على كل مسلم، بل هو من أعظم القربات والفضائل، وينال به صاحبه أجرًا عظيمًا، ويُرفع درجاته في الآخرة.
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"يُقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارتقِ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها"
[رواه أبو داود والترمذي].
وأشار إلى أن الدرجات في الجنة بين أهل القرآن عظيمة، وأن حفظه ومواظبة تلاوته ترفع منزلة المؤمن في الدنيا والآخرة، لكن لا يلزم كل مسلم بحفظه كاملًا.
بين الحفظ والتدبر: منهجان في العلاقة مع كتاب الله
أكد الشيخ وسام أن العلاقة بالقرآن الكريم لا ينبغي أن تقتصر على التلاوة المجردة أو الحفظ فقط، بل لا بد من دمج الحفظ بالتدبر، والعمل بما فيه من أوامر ونواهي.
وقال:"من عاش مع القرآن بقلبه وعقله، وجده كافيًا له في دنياه وأخراه. في القرآن علم الأولين وخبر الآخرين، ومن رزقه الله نور الفهم فيه، فقد نال خيرًا عظيمًا".
وأضاف:"اجعلوا للقرآن نصيبًا في بيوتكم وأوقاتكم، اقرأوه بتدبر، وتذوقوا معانيه، فهو النور الذي لا يخبو، والشفاء الذي لا يخذل، والهداية التي لا تضل".