ً بعد ٧٠ عاما من الجدل
البرلمان يسقط فى أول اختبار تاريخى
القانون يخرج من الباب الخلفى لقبة المجلس بعد ضغط الحكومة
فى لحظة برلمانية مشبعة بالتوتر والمفاجآت، وبعد ٧٠ عاما من الجدل عمر قانون الإبحار القديم، شهدت الجلسة الختامية للبرلمان واحدة من أعنف المواجهات تحت القبة أمس، مع اقتراب القانون من محطته الأخيرة قبل فض الدورة البرلمانية بساعات.
القانون الذى انتظره البعض كخطوة إصلاحية، ورفضه آخرون ككارثة اجتماعية، تحول إلى ساحة اشتباك بين الحكومة ونواب المعارضة، وسط صراخ ومقاطعات واتّهامات مباشرة.
فى جلسة وصفت بالتاريخية، انطلقت الاثنين الماضى أولى مناقشات البرلمان حول مشروع قانون الإيجار القديم، وسط أجواء مشحونة بين مؤيدين يرون فيه ضرورة حتمية لتحقيق العدالة، ومعارضين يعتبرونه تهديداً للسلم الاجتماعى، بينما تلعب الحكومة دورًا ضاغطًا لتمريره دون تأخير، والجلسة كشفت أن قانون الإيجار القديم لم يعد مجرد تشريع مؤجل، بل أصبح ساحة للصراع بين الرؤى الاقتصادية والاعتبارات الاجتماعية، والخوف الأكبر أن يتحول البرلمان من منصة للحل إلى ساحة تأجيج للغضب الشعبى.
وشهدت الجلسة العامة حضورًا مكثفًا من النواب خلال الثلاثة أيام الماضية، وسط اهتمام إعلامى وشعبى غير مسبوق، افتتح رئيس البرلمان الجلسة مؤكدًا أن مناقشة قانون الإيجار القديم «مسئولية وطنية» تتطلب التوازن بين الحقوق التاريخية للمستأجرين وحقوق الملاك فى الانتفاع بأملاكهم.
ومنذ اللحظات الأولى تلاحظ وجود قلق وتوتر ووجود انقسام واضح فى الرؤى تحت قبة البرلمان، والحقيقة القانون وصفه الخبثاء «مخدش غلوه حسب وصف بعض النواب».. فالمؤيدون اعتبروا أن القانون بصيغته الحالية «تصحيح لمسار عقارى معطّل منذ عقود»، مؤكدين أن «الوضع غير العادل حرم آلاف الملاك من استغلال أملاكهم أو التصرف فيها». والمعارضون حذروا من «كارثة اجتماعية» سوف تعصف بالمجتمع إلى شطرين، مشيرين إلى أن تمرير القانون دون ضمانات حقيقية واقعيه وبعيداً عن التصريحات النارية والشو الإعلامى، سيلقى بعشرات الآلاف من الأسر الفقيرة والغير قادرة على التكيف مع الأزمات الاقتصادية المتقلبة سيجدون أنفسهم فى الشارع، خاصة كبار السن ومحدودى الدخل الذين لا يملكون بديلا.
وفى مشهد بدا أقرب إلى الضغط السياسى، دفعت الحكومة بعدد من الوزراء والمسئولين لحضور الجلسة، مؤكدين أن القانون يأتى ضمن «خطة إصلاح تشريعى» تستهدف استعادة التوازن فى غول الاستثمار فى سوق العقارات... وأكد وزير الإسكان أن «القانون الجديد لا يستهدف الإضرار بمستأجر قديم، بل يضع حلولاً انتقالية تحمى الجميع»، مضيفًا أن «الدولة مستعدة لتقديم دعم اجتماعى لمن يستحق».
وشكك المعارضون بأن لم تم تمرير القانون حسب ما قدمته الحكومة دون إضفاء مزيج من روح العدالة الاجتماعية وتنفيذ أوامر حكم المحكمة الدستورية العليا، التى تعتبر أعلى السلطات فى وضع وتعديل التشريعات، وأثير جدل دستورى، حيث طرح عدد من النواب تساؤلات حول مدى دستورية بعض بنود القانون، خاصة فيما يتعلق بـ«إنهاء العلاقة الإيجارية بالقوة بعد سنوات طويلة من الاستقرار»، بينما وجّه آخرون اتهامات للحكومة بأنها «منحازة لمصالح كبار المستثمرين العقاريين على حساب البسطاء، ورغم سخونة النقاش، لم يتم التصويت النهائى بعد، وتم تأجيل القرار إلى الجلسة القادمة التى قد تكون حاسمة... وبين الضغوط الرسمية والمخاوف الشعبية، يبقى البرلمان أمام اختبار تاريخى... هل يستطيع تمرير قانون يوازن بين الحق والرحمة؟ أم سيستمر النزاع فى دوامة التأجيل والانقسام!!؟
الآن، خرج قانون الإيجار القديم من الباب الخلفى للبرلمان دون تصويت، لكنه لم يخرج من قلوب ملايين المواطنين المترقبين، مهدداً بالبطلان الدستورى الذى أكده قانونيون ومتخصصون.. ستظل القنبلة التى ألقت فى مجتمع، بين مستأجر يعيش على المعاش، ومالك فقد الأمل فى استرداد شقته، ترك البرلمان وراءه قانونًا محاطًا بالجدل، ومجتمعًا ينتظر العدالة المؤجلة.