للوطن وللتاريخ
الثانوية العامة.."أولاد الأكابر" في كل مكان
التصريحات التي أدلى بها الوزير محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني قبل بدء امتحانات الثانوية العامة هذا العام بشأن إجراءات منع الغش كانت غير كافية لبث حالة الطمأنينة لتطبيق الشفافية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، لدرجة أن الوزير حرص على عدم إعلان بعض الإجراءات قبل بدء الامتحانات خشية قيام الطلاب بالاستعداد لمواجهتها قبل أداء الامتحان.
ولم تعلن الوزارة عبر البيانات الرسمية عن عدد حالات الغش عقب كل امتحان، أو الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الشأن مثل الأعوام السابقة، في الوقت الذي نجد فيه شكاوى آلاف أولياء الأمور عن وجود طلاب تمكنوا من استخدام السماعات وبعض الأدوات الأخرى في الغش، دون أن نجد إجراء واحد تجاه أي طالب، وكأن كافة الامتحانات الماضية منذ بدايتها لم يتم فيها ضبط حالة غش واحدة.
وإذا كان الحديث في السنوات السابقة تجاه ما عرف إعلاميًا بـ"لجان أولاد الأكابر" لتسهيل الغش لهم في بعض المحافظات، خاصة صعيد مصر، فنحن الآن أمام شكاوى الكثير من أولياء الأمور والطلاب في كل محافظات مصر تقريبًا عن حالات انفلات في اللجان لصالح وتداول للامتحانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار حالة من الجدل والغضب والتأثير النفسي لدى الكثيرين.
وللحق نقول، أن السبب الرئيسي في حالات الانفلات ليس بسبب إجراءات التفتيش فقط، وإنما بسبب وجود البعض من عديمي الضمير والإخلاص لهذا الوطن يسعون لحصد المكاسب الشخصية من أولياء الأمور لتسهيل دخول بعض الأدوات المساعدة في عملية الغش، دون مراعاة للضمير المهنى والأخلاقى، وأصبح "أولاد الأكابر" في كل مكان بشكل مختلف.
والكارثة الآن لم تعد في إجراءات التفتيش أو أجهزة التشويش، وإنما في كيفية التأكد من تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص داخل اللجنة الامتحانية الواحدة، لدرجة تُشعِر بعض الطلاب أن أولياء الأمور من أصحاب الأموال والنفوذ ينتصرون عليهم بأموالهم داخل اللجنة الامتحانية، فأين المستقبل الذي ينتظرونه وسط هذه الأجواء؟!.
والسؤال الآن للسيد الوزير، هل ستكون هناك مفاجأة بإلغاء الامتحانات لطلاب تورطوا في عمليات الغش عند إعلان النتيجة ولم يتم الإعلان عنهم حاليًا؟ وكيف يتم ذلك في ظل التصريحات بشأن أداء الطالب المتورط في عملية الغش للامتحان في لجنة خاصة وحتى الآن لم يتم الإعلان عن حالة غش واحدة في كل أنحاء مصر؟ فهل أصبحنا أمام ثانوية عامة خالية تمامًا من أي حالة غش، بالتأكيد لدينا الشك في ذلك؟!.
خلاصة القول. إن جهود الوزير ورجال الوزارة في مواجهة الغش هذا العام قد تذهب هباءًا منثورًا بسبب البعض من عديمي الضمير، وكان لابد من الإعلان منذ اللحظة الأولى عن حالات الغش، ومواجهة تدخل بعض أولياء الأمور وغيرهم في العملية الامتحانية، ونأمل أن تكون هناك مفاجآت في إعلان النتيجة، إلا إذا كان السيد الوزير يريد بكل ما يحدث الآن من عدم الإعلان عن حالات الغش توصيل رسالة للقيادة السياسية بالقضاء على الغش تمامًا وهو ما لم يكن حقيقة على أرض الواقع. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء، وللحديث بقية إن شاء الله.