بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤية

هل‭ ‬تنام‭ ‬يا‭ ‬دكتور‭ ‬مدبولى‭!؟‬

كالعادة‭.. ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬جداً‭ ‬تتسع‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬الحكومة‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬المواطن،‭ ‬الحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬وتعيش‭ ‬فى‭ ‬وادٍ،‭ ‬والمواطن‭ ‬المطحون‭ ‬يلهث‭ ‬وراء‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬فى‭ ‬وادٍ‭ ‬آخر،‭ ‬حكومة‭ ‬لا‭ ‬تشعر‭ ‬بمعاناته‭ ‬ولا‭ ‬يشغلها‭ ‬سوى‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬الكراسى،‭ ‬أما‭ ‬المواطن‭ ‬فله‭ ‬رب‭ ‬يحميه‭.‬
ما‭ ‬حدث‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الإقليمى‭ ‬أمام‭ ‬مركز‭ ‬أشمون‭ ‬بمحافظة‭ ‬المنوفية‭ ‬من‭ ‬كارثة‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬18‭ ‬فتاة‭ ‬والسائق‭ ‬كفيل‭ ‬بإقالة‭ ‬حكومة‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬تحترم‭ ‬آدمية‭ ‬المواطن،‭ ‬وتعرف‭ ‬قيمة‭ ‬الأرواح‭ ‬التى‭ ‬تزهق‭ ‬لإهمال‭ ‬مسئول‭ ‬مات‭ ‬ضميره‭ ‬ولم‭ ‬يتقِ‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬العمل‭ ‬الموكل‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬سوى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭ ‬وحياته،‭ ‬تلك‭ ‬هى‭ ‬القضية‭ ‬التى‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬التى‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة‭ ‬طالما‭ ‬انعدمت‭ ‬الضمائر‭ ‬وخربت‭ ‬الذمم‭.‬
الحادث‭ ‬وقع‭ ‬والكارثة‭ ‬فجعت‭ ‬قلوب‭ ‬المصريين،‭ ‬إلا‭ ‬الحكومة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬خارج‭ ‬العاصمة‭ ‬الإدارية،‭ ‬لأنها‭ ‬طارت‭ ‬لقضاء‭ ‬‮«‬الويك‭ ‬إند‮»‬‭ ‬فى‭ ‬العلمين،‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬العلمين،‭ ‬حيث‭ ‬القصور‭ ‬الفارهة‭ ‬والحياة‭ ‬المترفة‭ ‬اصطحبوا‭ ‬أسرهم‭ ‬لقضاء‭ ‬أمتع‭ ‬الأوقات‭ ‬هناك،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬وهمومه‭ ‬وشكاواه‭ ‬المستمرة‭.‬
الغريب‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نرَ‭ ‬مسئولاً‭ ‬كلف‭ ‬خاطره‭ ‬و‮«‬عَصر‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬لمونة‮»‬‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬الكارثة‭ ‬ليخفف‭ ‬من‭ ‬وطأتها،‭ ‬بل‭ ‬شاهدها‭ ‬معنا‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفاز‭.‬
والأغرب،‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬مدبولى‭ ‬توجه‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬لافتتاح‭ ‬أول‭ ‬مصنع‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وإفريقيا‭ ‬لشركة‭ ‬ألمانية‭.‬
يا‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭.. ‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬ضد‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬الدولة‭ ‬التنمية‭ ‬فى‭ ‬مقدمة‭ ‬الأولويات،‭ ‬لكننا‭ ‬مواطنون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تهتم‭ ‬بنا‭ ‬الحكومة‭  ‬أيضاً،‭ ‬بل‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬المواطن‭ ‬هو‭ ‬ركيزة‭ ‬التنمية‭.‬
المواطن‭ ‬الذى‭ ‬يفقد‭ ‬حياته‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬التى‭ ‬تعينه‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬العيشة‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬بفعل‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬الخاطئة‭ ‬التى‭ ‬تتبعها‭ ‬حكومتك‭ ‬الرشيدة‭ ‬التى‭ ‬تسير‭ ‬عكس‭ ‬تكليفات‭ ‬الرئيس‭ ‬التى‭ ‬تراعى‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭.‬
لم‭ ‬يكلف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسه‭ ‬بالذهاب‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬الحادث‭ ‬أو‭ ‬إرسال‭ ‬وزير‭ ‬من‭ ‬وزرائه،‭ ‬بل‭ ‬مرت‭ ‬الكارثة‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬ليفاجئنا‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بوجوده‭ ‬فى‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬لافتتاح‭ ‬مصنع‭ ‬ومستودع‭!‬
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬شهداء‭ ‬الكفاح‭ ‬ولقمة‭ ‬العيش‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬المصنع‭ ‬والمستودع،‭ ‬وأن‭ ‬الشهيدات‭ ‬الـ18‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬منهن‭ ‬مأساة،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬هن‭ ‬مستقبل‭ ‬مصر،‭ ‬ولنا‭ ‬فى‭ ‬الشهيدة‭ ‬‮«‬شيماء‮»‬‭ ‬طالبة‭ ‬الهندسة‭ ‬العبرة‭ ‬والعظة،‭ ‬لأنها‭ ‬أوجعت‭ ‬قلوب‭ ‬المصريين‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬ليلة‭ ‬حزينة‭ ‬ولم‭ ‬ترَ‭ ‬أعينهم‭ ‬النوم‭!‬
لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الكارثة‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬كأنها‭ ‬قضاء‭ ‬وقدر،‭ ‬وأن‭ ‬الجانى‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬البشرى‭ ‬وأن‭ ‬الحكومة‭ ‬بريئة‭ ‬من‭ ‬دم‭ ‬الضحايا،‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬استيقظ‭ ‬مبكراً‭ ‬وطار‭ ‬من‭ ‬العلمين‭ ‬إلى‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬رمضان‭!‬