بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

معالم الهجرة النبوية.. "مسجد قباء" أول بيت لله في الإسلام

بوابة الوفد الإلكترونية

من بين الأماكن التي خُلدت في ذاكرة الأمة الإسلامية، وباتت رمزًا خالدًا لمرحلة من أنقى وأعظم مراحل التاريخ، يبرز اسم مسجد قباء، أول مسجد أُسس في الإسلام، وواحد من أبرز المعالم التي ارتبطت بالهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة.

فمع وصول رسول الله ﷺ إلى المدينة، لم يكن أول ما فعله هو ترتيب شؤون السياسة أو الحرب، بل كانت أولى خطواته بناء مسجد، ليُرسِّخ بذلك مبدأ أن العبادة، والارتباط بالله، هو حجر الأساس لأي حضارة إنسانية راقية.

مسجد قباء.. البداية المباركة

بحسب ما ورد في صحيح البخاري عن الزهري، عن عروة، فإن النبي ﷺ نزل بعد وصوله إلى المدينة في بني عمرو بن عوف بمنطقة قباء، وأقام عندهم بضع عشرة ليلة، وفي هذه الأيام المباركة، أسس النبي ﷺ مسجد قباء، وكان ذلك الحدث إيذانًا ببداية صفحة جديدة من صفحات الدعوة الإسلامية.

لم يكن المكان الذي اختاره النبي عشوائيًّا، بل كان مربدًا (مكانًا تُحبَس فيه الإبل) لغلامين يتيمين من بني النجار، وهما سهل وسهيل. فاشتراه منهما واتخذه مسجدًا، وذلك في دار بني النجار رضي الله عنهم، مما يعكس البعد الإنساني والاجتماعي للهجرة، حيث لم تُغصب الأرض، بل شُرِيَت بإذن أصحابها، وكان المسجد ثمرة حب وتعاون بين المهاجرين والأنصار.

 

فضل الصلاة في مسجد قباء

لم يكن مسجد قباء مجرد بناء حجري، بل اكتسب مكانته من شرف تأسيسه على التقوى، ومن ارتباطه بالرسول الكريم ﷺ، وقد ورد عن سيدنا سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:"من تطهَّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلَّى فيه صلاة، كان له كأجر عُمرة"(رواه النسائي، وابن ماجه، وأحمد).

 

وفي هذا الحديث، دلالة واضحة على عظم أجر الصلاة فيه، وعلى ارتباطه الروحي بالحرم النبوي والحرم المكي، كونه نبعًا من ينابيع البركة، ومحطة مضيئة في مسيرة النبوة.

 

قباء.. مقصد روحي عبر العصور

لا يزال مسجد قباء حتى يومنا هذا قبلةً للمحبين، ومقصدًا لكل من زار المدينة المنورة، حيث يتحرى المصلون زيارته يوم السبت، تأسّيًا برسول الله ﷺ، الذي ورد عنه في صحيح مسلم أنه كان يأتيه كل سبت راكبًا وماشيًا، ويصلي فيه.

ويظل قباء، ببنائه البسيط، وتاريخه العميق، رمزًا للأمان، والعبادة، والوحدة، ورسالة خالدة لكل من يسير في طريق الهجرة إلى الله، أن أول ما يُبنى في رحلة الإصلاح هو "الروح".

 

مسجد قباء.. ليس مجرد بناء

حين نتأمل في تأسيس مسجد قباء، ندرك أن الهجرة لم تكن فقط انتقالًا مكانيًّا، بل بداية مشروع حضاري يقوم على العبادة، والشورى، والتكافل، والعلم. ولذلك، فإن تذكر مسجد قباء في موسم الهجرة هو تذكير بجوهر الرسالة النبوية، وضرورة العودة إلى المبادئ التي أرساها رسول الله ﷺ منذ اللحظة الأولى.