بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

من ٣٠ يونيو إلى تلفريك الجيزة..فضيحة التضليل الإلكتروني

شائعات "الأهرامات" تثير العاصفة.. والخبراء يكشفون للوفد حقيقة المشروع

المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير

بعد مرور ١١ عاماً على ثورة ٣٠ يونيو  التي واجهت مصر خلالها أعنف حرب شائعات في تاريخها، تعود الأدوات ذاتها التضليل اللفظي، التهويل الممنهج، وحملات التشويه الرقمي! العاصفة الأخيرة بعنوان "تلفريك فوق الأهرامات" ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة مستمرة منذ ٢٠١٣، حيث يعاد استخدام الاستراتيجية القديمة باختراع كوارث وهمية لضرب الاستقرار وتهديد الاقتصاد القومي.

الوفد "تكشف" كيف حولت جماعات الظلام مشروع نقل سياحي  إلى "جريمة تشويه تراث" عبر تلاعب مدروس بالألفاظ تماماً كما جرى مع شائعات "بيع قناة السويس" التي انتشرت  أعقاب ٣٠ يونيو ومستمرة حتى اليوم!

عاصفة من الغضب اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية  بعد تداول أنباء عن مشروع "تلفريك فوق أهرامات الجيزة"، ووصف نشطاء على السوشيال ميديا الموضوع  بـ"الكارثة الثقافية" و"الإهانة للتراث الإنساني". في خضم هذه الضجة، تواصلت "الوفد" مع عدد من المتخصصين والخبراء في مجالات التخطيط والعمارة والإعلام لكشف أغوار المشروع وتستعرض آراء الخبراء لتوضيح الصورة الكاملة للجدل الذي كاد يطيح بسمعة أحد أهم مواقع التراث العالمي". 

ووصفت المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي المشروع بأنه ""عمل متهور غير مسؤول ناتج عن جشع قصير النظر"،  وتساءل البعض باستنكار: "وماذا بعد؟ قطار ملاهي في معبد الأقصر؟ مدينة ألعاب مائية في وادي الملوك؟"، مشبها الفكرة بمد "أسلاك فوق ستونهنج" أو وضع "كشك سيلفي داخل كنيسة السيستينا". وطالب النشاء  المسؤولين والمستثمرين باحترام حضارة الأجداد وإيقاف "هذا المشروع المهين" قبل فوات الأوان، وحاول البعض توثيق معلوماته بالاستشهاد بما نشر عبر مجلة Flair

فيما نشرت "Flair Magazine" نفسها تقريرًا منفصلًا يوضح أن المشروع يهدف لربط "المتحف المصري الكبير" بهضبة الجيزة عبر نظام تلفريك يضم 10 محطات، كجزء من ممشى سياحي بطول 2.5 كم لتحسين تجربة الزوار، دون أي ذكر لمروره "فوق الأهرامات". 

لنري أن كل مشروع عملاق في مصر يتعرض لهجوم شائعات: مفاوضات سد النهضة، العاصمة الإدارية، المحطات النووية، والآن الدور على المتحف المصري الكبير. الخطة واحدة، اختراع فضيحة لوقف التنمية.

لتفنيد التضارب، تواصلت "الوفد" مع نخبة من الخبراء، الذين كشفوا أن قلب الأزمة يتمحور حول تلاعب لفظي متعمد في منشورات السوشيال ميديا. فبحسب اللواء د. أحمد عبد المجيد  خبير التخطيط الاستراتيجي بأن هناك حملة تضليل تستغل مصطلح "منطقة الهرم" لترويج فكرة أن التلفريك سيمر فوق الآثار مباشرة! هذا ادعاء خطير وغير صحيح. الدولة لن تقبل أبدًا بمشروع يعبث بجسد الأهرامات، قائلا:" المشروع  لو  سيكون في المناطق الجانبية البعيدة عن النواة الأثرية، ويستهدف ربط المتحف بالهضبة عبر مسار آمن.. ولكن ما يحدث اليوم هو تهويل مقصود لخلق فوضى إعلامية تشوه صورة مصر قبل افتتاح المتحف المصري الكبير". 

وأضاف عبد المجيد أن بعض الجهات تروج لصور ذهنية خاطئة عن المشروع عبر التلاعب بعبارات مثل "تلفريك فوق الهرم" بدلًا من "تلفريك في منطقة الأهرامات"، مما يشعل ردود فعل غاضبة دون التحقق من الحقائق، وإظهار أن الدولة ضعيفه في التخطيط حيث قامت بتغيير خطتها وفقا لمنشورات السوشيال ميديا ، وحذر من أن هذه الأساليب الخادعة تهدف لتقويض ثقة العالم في إدارة مصر لتراثها. 

من جهته، أكد د. خالد هيبة  عضو جهاز التنسيق الحضاري  أن أي تطوير حول الهضبة يجب أن يخضع لشروط صارمة، قائلا : " أن فكرة التلفريك "متحملة" وليست "تهريجاً"، بل قد تكون مفيدة كوسيلة نقل نظيفة بين المساحات الشاسعة للمنطقة والمتحف المصري الكبير، وتوفر رؤية بانورامية.

فيما شدد على ضرورة الالتزام بضوابط صارمة منها التنسيق المسبق مع منظمة اليونسكو ، وضع محطات التوقف على الأطراف بعيداً عن قلب المنطقة الأثرية، وضمان عدم تشويه المشهد أو التعدي على الحرم الأثري.

وحذر هيبة من الرفض المبدئي أو القبول العشوائي، داعياً إلى طرح المشروع في مسابقة عالمية للمهندسين المعماريي (كما حدث مع المتحف المصري الكبير ومكتبة الإسكندرية) لاستلهام أفضل الأفكار التي تحترم الطبيعة التاريخية للموقع.

وفي سياق متصل، دعت د. أمل خطاب أستاذ الإعلام الرقمي إلى توظيف "فكر خارج الصندوق" للترويج السياحي دون المساس بالتراث، مشيرة إلى أن منطقة الأهرامات شهدت أنشطة سابقة ناجحة (كالعروض الفنية) عند تطبيقها بمعايير تحمي الأثر. 
وشددت على عدم المعارضة المبدئية لتطوير المناطق الأثرية وتعظيم الاستفادة منها، خاصة في ظل التطورات العالمية مثل المتاحف الافتراضية (الميتافيرس)، فيما أكدت على شرط أساسي خلال التطوير وهو عدم انتهاك خصوصية المكان الأثري أو الإضرار بسلامة بنية الآثار.

وكشفت التحليلات أن "عاصفة التلفريك" هي نتاج تضليل إلكتروني، و أن حماية تراث مصر تتطلب دقة لغوية في مناقشة المشروعات، وشفافية رسمية في عرض التفاصيل قبل انطلاق الشائعات، ورقابة صارمة من "اليونسكو" على أي تطوير حول المواقع الأثرية. فهل تكون هذه الأزمة جرس إنذار لتنقية الفضاء الإلكتروني من حملات التشويه، أم فاتحة لمعارك جديدة بين تطوير السياحة وصون الهوية؟