في يوم عاشوراء.. دار الإفتاء تؤكد: التوسعة على الأهل سنة نبوية ثابتة

مع بداية شهر الله المحرم، وبدء العدّ التنازلي لصيام يومي تاسوعاء وعاشوراء، أعادت دار الإفتاء المصرية تسليط الضوء على سنة نبوية عظيمة قد يغفل عنها الكثيرون، وهي التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء، مؤكدة أنها سنة مأثورة عن النبي ﷺ، وعملٌ دأب عليه السلف الصالح، وأجمع على استحبابه جمهور الفقهاء في مختلف العصور.
حكم التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء
جاء ذلك ردًا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي من أحد المواطنين، تساءل فيه عن حكم التوسعة على الأهل في هذا اليوم، متأثرًا ببعض الأصوات التي تنكر مشروعيتها وتزعم أنها بلا أصل شرعي.
وجاء رد دار الإفتاء واضحًا وحاسمًا:التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء سنة نبوية ثابتة ومستحبة باتفاق فقهاء المذاهب الأربعة، ومدعومة بنقولات العلماء الراسخين من السلف والخلف.
أدلة المذاهب الأربعة على استحباب التوسعة
استشهدت دار الإفتاء المصرية في توضيحها بقول الحافظ العيني الحنفي في كتابه نخب الأفكار، حيث قال:"إن يوم عاشوراء يومٌ معظم عند الأنبياء، وإن النفقة فيه مباركة، يخلفها الله عز وجل على المنفق، وله فيها أجرٌ عظيم".
كما نقلت الدار حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، المروي في عدة مصادر، أن النبي ﷺ قال:«من وسّع على عياله يوم عاشوراء، وسّع الله عليه سائر سنته» – وهو حديث حسّنه جماعة من العلماء، وأيده جمهور أهل السنة.
وفي السياق نفسه، أشار ابن عابدين الحنفي في كتابه رد المحتار على الدر المختار، إلى أن هذا الحديث ثابت ومعتَمد، وجرى عليه عمل علماء المذهب الحنفي عبر القرون. وقد أيّد هذا المعنى الحافظ السيوطي وغيره من أئمة التحقيق.
أما الإمام ابن العربي المالكي، فقد بيّن في شرح الموطأ أن التوسعة في هذا اليوم لها أثر دنيوي وروحي، حيث قال:"النفقة في يوم عاشوراء مخلوفة، أي أن الله يعوضها للمنفق، ويبارك له فيها، شريطة الإخلاص، وأن تكون لله لا للرياء أو التفاخر".
معنى "التوسعة" وآثارها الإيمانية
أوضحت دار الإفتاء أن المقصود بالتوسعة هو إدخال السرور على الأهل بإكرامهم، سواء كان ذلك بطعام، أو هدية، أو اهتمام زائد في هذا اليوم، باعتباره يوم نجّى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام وقومه من بطش فرعون، وهو يومٌ يوافق حدثًا جليلًا في التاريخ الإسلامي والنبوي، حيث صامه رسول الله ﷺ وأمر بصيامه، لما فيه من فضل ومغفرة.
وأكدت الدار أن هذه السنة مظهر من مظاهر الرحمة الأسرية، والبر، والاحتفاء بأيام الله، كما أنها ترسيخ لقيم الشكر على النعم، وتعزيز الروابط العائلية في سياق ديني مبارك.
من ينكرها يخالف جمهور الأمة
شددت دار الإفتاء المصرية على أن من ينكر هذه السنة يخالف ما عليه جماهير العلماء عبر العصور، وأن اتباع السنة في هذا الباب يعكس فهمًا شاملًا لمقاصد الشريعة، التي تُعلي من قيمة الفرح المشروع، والتقرب إلى الله ببرّ الأهل، والرحمة بالأبناء.
واختتمت الدار بيانها بالتأكيد على أن يوم عاشوراء ليس فقط يوم صيام وعبادة فردية، بل مناسبة إيمانية واجتماعية يتجدد فيها الخير، وتُستنهَض فيها معاني الشكر، والمودة، والكرم.