في الجمعة الأولى من شهر الله المحرّم.. دعاء العام الهجري الجديد

مع الجمعة الأولى من شهر الله المحرم، وتزامنها هذا العام مع بداية عام هجري جديد، تتجه أنظار المسلمين وقلوبهم إلى السماء، راجين من الله سبحانه وتعالى أن تكون بداية لعامٍ ملؤه الطاعات والمسرّات.
وفي ظلّ ما يحمله هذا اليوم من قيمة روحية وزمنية عظيمة، تتعالى الدعوات، وتكثر الأذكار، وتُستحضَر النيات الصالحة، طلبًا للقبول والتوفيق، وبحثًا عن بداية نقية تُرضي الله عز وجل وتُحيي القلوب.
وقد أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في منشوراته الرسمية، أن هذه المناسبة تعد محطة إيمانية مهمة في حياة المسلم، تُستحب فيها التوبة النصوح، والإقبال على الله بالدعاء، واستشعار عظمة الزمن، خصوصًا وأنها تأتي في أول أيام شهر المحرم، أحد الأشهر الحُرُم التي عظّمها الله في كتابه الكريم.
أدعية مأثورة في الجمعة الأولى من محرم
وتماشياً مع هذه الروحانيات، يحرص كثير من المسلمين على الابتهال بأدعية جامعة تنبع من القلب، وتُلهِم النفس الثبات والسكينة، ومن أبرز ما يُستحب الدعاء به في هذه الجمعة المباركة:
«اللهم لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت بعدهما، اللهم اجعل عامنا هذا خيرًا من سابقه، ووفقنا فيه لما تحب وترضى».
«اللهم إنّي أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، أن ترزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، غير ضالين ولا مضلين، ولا مفتونين».
«اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت، سبحانك لا إله إلا أنت، نسألك إجابة الدعاء، والشكر في الشدة والرخاء».
«اللهم ارزقنا قلوبًا تفيض بحبك، ونعما تدوم بفضلك، وأرواحًا تهوى طاعتك، ولسانًا لا يمل من ذكرك يا أرحم الراحمين».
الصلاة على النبي في الجمعة.. فضل لا يُضاهى
ولأن يوم الجمعة له خصوصية بالغة في الشريعة الإسلامية، فقد شدد علماء الأزهر الشريف على ضرورة الإكثار من الصلاة على سيدنا محمد ﷺ في هذا اليوم المبارك، خاصةً عند غروب شمسه، لما ورد من أحاديث نبوية شريفة تؤكد فضل هذه العبادة.
ومنها الحديث الصحيح الذي رواه أبي بن كعب رضي الله عنه، حين قال لرسول الله ﷺ: "يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟"، فردّ النبي ﷺ:«ما شئت، وإن زدت فهو خير لك»، حتى قال: "أجعل صلاتي كلها"، فقال ﷺ:«إذًا تُكْفَى هَمَّكَ ويُغْفَرُ ذَنْبُكَ» [أخرجه الترمذي].
كما أورد أوس بن أوس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:«إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ» [رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة].
الدعاء في بداية العام.. سنةٌ صالحة لا تُرد
وعلى عكس ما يظنه بعض الناس من أن الدعاء في بداية العام الهجري لا أصل له، أكد علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية أن الدعاء في هذا الوقت من السنن الحسنة، التي يُرجى بها القبول، خاصة إذا اجتمع فيها إخلاص النية، وحسن الظن بالله، والتوكل عليه، والعزم على التوبة والعمل الصالح.
فما أجمل أن يستقبل المسلم عامه الجديد بدعاء خاشع، يطلب فيه الهداية، والرزق، والتوفيق، والستر، والصلاح، لنفسه وأهله وأمته، مستلهمًا من الهجرة النبوية معنى الانتقال من حالٍ إلى حال، ومن غفلة إلى يقظة، ومن معصية إلى طاعة.
في الجمعة الأولى من شهر الله المحرم، التي تأتي مطلع العام الهجري، يجدّد المسلمون صلتهم بالله من خلال الدعاء، والصلاة على النبي، والتوبة الصادقة، مستبشرين ببداية عامٍ جديد يحمل بين سطوره فرص التغيير، ومواسم الخير، وبشارات القبول، «اللهم اجعل هذا العام عامَ خير وسكينة، وسلام ورحمة، واحفظنا فيه من كل سوء، ووفقنا فيه لما تحب وترضى».