"نِعم لا تُعد ولا تُحصى".. خطيب الحرم: الشكر يحفظ النعمة ويزيدها

أكد الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، أن الإنسان يعيش في نعم الله ويتقلب في عطاياه في كل لحظة من حياته، مشيرًا إلى أن "كل نَفَس يتنفسه وكل غمضة عين تحمل في طياتها نعيمًا إلهيًا لا يُعد ولا يُحصى".
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر الله المحرم، اليوم، من المسجد الحرام بمكة المكرمة، حيث دعا الشيخ بن حميد المسلمين إلى استحضار فضل الله عليهم، وشكر نعمه الظاهرة والباطنة، قائلاً:"إذا كنت تتنفس بحرية، فغيرك لا يتنفس إلا عبر أجهزة، وإذا كنت تعيش بكامل وعيك ونشاطك، فهناك من فقد وعيه لسنوات طويلة".
شكر النعمة سبيل دوامها
وأوضح إمام الحرم أن الاعتراف بالنعم وتذكرها باستمرار من أعظم الوسائل لحفظها واستبقائها، لافتًا إلى أن النعمة لا تدوم إلا بالشكر، ولا تُقيَّد إلا بالإقرار بمن أنعم بها، وهو الله تعالى وحده.
وأضاف: "الشكر لا يكون باللسان وحده، بل يكون بالقلب أولاً، عبر الإيمان الجازم بأن كل ما في حياتنا من فضل، فهو من الله سبحانه، لا من البشر ولا من حولنا وقوتنا".
كما يكون الشكر باللسان من خلال التحدث بالنعم "لا رياءً ولا كبرًا، بل اعترافًا وثناءً على المنعم جل وعلا"، ثم يتجلى الشكر الأصدق بالأفعال، وهو "صرف النعمة في طاعة الله، والابتعاد عن استخدامها في معصيته".
"النِّعم وحشية.. لا يقيدها إلا الشكر"
وحذر بن حميد من الغفلة عن الشكر، مؤكدًا أن النعم إذا لم تُشكر، زالت، قائلاً:"النِّعم وحشية فرارة، لا يقيدها إلا الشكر، ومن ضيّع حق الله فهو لما سواه أضيع"، وأشار إلى أن الانشغال بالمصائب ونسيان النعم هو من سلوك إبليس، الذي يدفع الإنسان إلى الجحود والنكران.
التواضع والخضوع طريق الشكر الحقيقي
ودعا خطيب الحرم المسلمين إلى مراقبة الله في كل حال، واستثمار أوقات الرخاء في معرفة الله، حتى يعرفهم في أوقات الشدة، مستشهدًا بقول النبي ﷺ:"احفظ الله يحفظك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، وشدد على أن التوفيق لشكر النعم علامة على صدق العبودية وخضوع القلب لربه.
ختامًا: لا تنظر إلى النعمة.. بل إلى المنعِم
واختتم الشيخ بن حميد خطبته بالتنبيه إلى خطورة استقلال النعمة واستصغارها، مؤكدًا أن من ينظر إلى حجم النعمة فقط دون استحضار عظمة المنعِم، يقع في طريق الزوال.
وقال:"الاستقلال سبيل الزوال، والاستعظام سبيل الدوام، ومن استقلّ النعمة فقد نظر إلى النعمة، ولم ينظر إلى المنعم".