بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لعل وعسى

لحظة الخليج ونظرة الطريق(٦–٦)

تناولنا فى المقالات السابقة الواقع الإقتصادى لزيارة الرئيس الأمريكى ترامب لبعض دول الخليج، وكيف أن هذه الزيارة حملت دلالات عديدة، أهمها أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تعول على الدور الخارجى لدول الخليج فى تحقيق أهدافها المشروعة وحتى غير المشروعة عبر ما يعرف بلحظة الخليج، وأن هذه الزيارة بدأت تتكشف ملامحها بعد عملية الاعتداء الإسرائيلى على دولة إيران، والضربة الأمريكية على المفاعلات النووية الإيرانية، وبالتالى فإننا بعد سلسلة هذه المقالات نؤكد بأن زيارة ترامب لدول الخليج لم يكن هدفها اقتصاديًا فى المقام الأول، وإنما كانت بهدف إعداد المسرح لهذه العملية العسكرية. وتم طرح تساؤل مضمونة هل ستستمر الدول العربية فى هذا القالب الهلامي؟ أم انها سوف يكون لها دور فى استعادة مجدها وكبريائها؟ وخاصة بعد قيام إيران بضرب القواعد العسكرية الأمريكية فى بعض دول الخليج مثل قطر والكويت والعراق، بالتزامن مع استمرار تنفيذ هجمات مركبة على الكيان الإسرائيلي، وفى آخر لحظات وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل فى حرب الإثنى عشر يومًا، وهو الاتفاق الذى طلبه ترامب بـطريقة استجدائية بعد ساعة واحدة فقط من الهجوم الصاروخى الناجح الذى شنته قوات الحرس الثورى الإيرانى على قاعدة العديد الأمريكية فى قطر. وبعد مرور ١٢ يومًا على هذه الحرب. وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يلزمنا بضرورة الإجابة عن التساؤل السابق، مع ضرورة التوقف قليلًا أمام نتائج حرب الإنثى عشر يومًا. أولًا انهيار الغطرسة والكبرياء الإسرائيلى، لتجد إسرائيل نفسها اليوم عاجزة أمام تداعيات مغامراتها، وتتوسل لتحالف دولى يحميها من عواقب أفعالها، وهى لحظة تاريخية تكشف زيف ادعاءات القوة المطلقة، وتؤكد أن قواعد اللعبة قد تغيرت جذريًا سواء عند العرب أو دول الشرق الأوسط. ثانيًا إبطاء فاعلية العسكرى الأخضر الأمريكى وتضارب أقواله وأفعاله، أبرزها التناقضات فى الخطاب الأمريكى بشأن الملف الإيراني، إذ قال الرئيس الأمريكى ترامب بفخرٍ إنه قضى على المشروع النووى الإيرانى، لكنه طلب بعد قليلٍ التفاوض من أجل ضمان سلمية المشروع النووى الإيرانى. فإذا كان ترامب قد قضى عليه، فكيف يطلب ضمانات بسلميته؟. ناهيك على أن الولايات المتحدة تئن تحت وطأة صراعاتها الداخلية، وتراجعها الاقتصادى، وتراكم ديونها، فى ظل رغبة إدارتها فى استعادة أمريكا العظمى والتى بدأت فى الأفول.
لذلك نأمل فى هذه اللحظة التاريخية والتى نسميها مع من سماها لحظة الخليج أن تضطلع هذه الأمة العربية بدورها الريادى فى خطوة مدعومة من قبل أبنائها لتستلم زمام المبادرة وتحافظ على حقوقها ومكتسباتها وتدعو إلى وحدة شاملة ومتكاملة الأبعاد تتمثل فى شراكة إستراتيجية تتحد من خلالها الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وتتوحد فى قيام اتحاد منظم وفاعل مبنى على أرضية ثابتة وقواعد متينة وأنظمة وقوانين هادفة وراسخة، بعيدًا عن وهم جامعة الدول العربية، وذلك على غرار أنظمة وقوانين الإتحاد الأوروبى، حتى يتسنى لنا صد التمدد الصهيونى والاتفاقات الإبراهيمية واتفاقيات القرن والقرون المقبلة، مع اضطلاع الأمة العربية بمواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وممارسة مسئولياتها وواجباتها والدفاع عن نفسها وعن أراضيها وضمان حقوقها، وتفعيل دورها الوطنى فيما يتعلق بمصالحها وأمنها واستقرارها واستقلالها، ويبقى الأهم الذى نبحث عنه منذ نصف قرن، خلق بيئة عربية استثمارية وصناعية تقودها الهيئة العربية للتصنيع بملامح عام 1975.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام