بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إطلالة

أمريكا والديمقراطية: شعارات براقة وممارسات متناقضة

الولايات المتحدة الأمريكية قدمت نفسها بوصفها "حامية الديمقراطية" في العالم، وراعية حقوق الإنسان، ومدافعة عن الحريات. هذه الصورة، التي رُوج لها إعلامياً وسياسياً لعقود، بدأت تتشقق تحت وطأة الوقائع والتناقضات الظاهرة في السياسات الأمريكية، سواء في الداخل أو الخارج. والمشهد الذي تشهده دول العالم في الوقت الحالي يؤكد أن الديمقراطية لم تكن الهدف في الولايات المتحدة الأمريكية، بل كانت الغطاء. فهناك 
ازدواجية في المعايير سواء بالخارج أو الداخل ، فقد تتزايد التساؤلات حول مدى التزام أمريكا الفعلي بقيم الديمقراطية. سواء في التمييز العنصري، التفاوت الاقتصادي، قمع الاحتجاجات السلمية، والتضييق على حرية الصحافة، جميع ذلك مؤشرات على وجود خلل في الممارسة الديمقراطية. وأقرب مثال على ذلك ما تم مع تولسي غابارد ، مديرة المخابرات الوطنية حين اختارت اتخاذ موقف مبدئي ضد تصعيد الحرب مع إيران، فواجهت تهميشاً داخل حزبها ووسائل الإعلام السائدة. وانتقدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وقال إنها أخطأت في الإشارة إلى عدم وجود أدلة على أن إيران تصنع سلاحا نوويا.
وخلال حديثه مع صحفيين في مطار موريستاون بولاية نيوجيرسي  الجمعة الماضية كرر ترامب معارضته تقييمات نقلتها مديرة المخابرات أفادت فيها بأن طهران لا تعمل على تطوير سلاح نووي،  وقال تعليقا على ذلك "إنها مخطئة". وعلي الرغم من أن تولسي قد أدلت بشهادتها أمام الكونجرس في مارس الماضي، مؤكدة  أن تقييمات أجهزة الاستخبارات الأميركية لا تزال تشير إلى أن طهران لا تعمل على تطوير رأس نووية. ومع ذلك يتجاهل ترامب كل هذه التقارير وما زال يصرح بأنه سيقرر في غضون أسبوعين ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في الهجمات على إيران من عدمه .

والمعروف أنه منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، خرج ملايين الأمريكيين في مظاهرات ضخمة في نيويورك، وواشنطن، وشيكاغو، ومدن جامعية كبرى مثل بيركلي وهارفارد، للمطالبة بوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة، ووقف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. وقاد هذه الحركات تحالف واسع من النشطاء، والمنظمات الحقوقية، والجاليات العربية والإسلامية، إضافة إلى عدد من اليهود التقدميين الذين يرفضون سياسات الاحتلال.
ورفعت هذه الاحتجاجات شعارات مثل "ليس باسمي"، و"أوقفوا تمويل الحرب"، و"حرية لفلسطين"، وامتدت مظاهر الغضب إلى داخل الكونجرس، فبدأ عدد متزايد من النواب الديمقراطيين، خصوصا من الجناح التقدمي مثل رشيدة طليب وإلهان عمر وألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، برفع أصواتهم ضد السياسات الإسرائيلية، معتبرين أنها تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان. ومع ذلك تجاهلت الولايات المتحدة الأمريكية صرخات الملايين خارج حدودها وداخلها ، وضرب الرئيس الأمريكي عرض الحائط لكل ذلك ، وواصل تأكيده بإلتزامه بأمن إسرائيل، وإشرافه على حزم مساعدات عسكرية قدرت بمليارات الدولارات، ما أثار غضباً واسعاً داخل قواعده الشعبية. 
واستخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي مرارا لإجهاض قرارات تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية أو تطالب بحماية المدنيين في غزة والضفة الغربية.
كما لعبت الولايات المتحدة دورًا حيويًا في الدعم الاستخباراتي واللوجستي لجيش الإحتلال الإسرائيلي، وخاصة في ما يُعرف بـ"الحرب على الأنفاق" في غزة، أو في العمليات ضد "تهديدات محتملة"

الولايات المتحدة كثيرا ما تضع مصالحها الجيوسياسية فوق مبادئها المعلنة. وتستخدم خطاب الديمقراطية كأداة ضغط ناعمة ضد خصومها السياسيين ، ولديها
تناقض بين المبادئ المعلنة والممارسات الواقعية.