من أجل البقاء في السلطة
"نتنياهو" ابن حيّ الطالبية يحرق العالم

في زقاق ضيق بحيّ الطالبية في القدس الغربية، نشأ بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الحالي، بين مبانٍ حجرية هادئة وأزقة تتنفس رائحة التاريخ المختلط.
لم يكن أحدٌ يتخيل أن هذا الطفل الذي ترعرع في أحد أحياء الطبقة المتوسطة، سيصبح يومًا أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السياسة الدولية.
حي الطالبية، الذي كان في الأصل حيًا عربيًا قبل نكبة 1948، تحول بعد قيام دولة إسرائيل إلى منطقة سكنية لليهود الأوروبيين من الطبقة الوسطى والعليا، تلك الأرض التي كانت ذات يوم مسكنًا لعائلات فلسطينية مثقفة، أصبحت رمزًا لواحدة من أعقد قضايا التهجير والاستيطان، وفي هذا الحيّ، تشكلت ملامح نتنياهو الفكرية والسياسية في بيئة يمينية قومية، حيث نشأ في منزل والده بن تسيون نتنياهو، المؤرخ المتشدد والباحث في التاريخ اليهودي، الذي كان يرى في الصراع مع العرب صراعًا وجوديًا لا يمكن التنازل فيه.
من حيّ الطالبية إلى قاعات الأمم المتحدة، ومن الميكروفون إلى مدافع الدبابات، يواصل بنيامين نتنياهو طريقًا محفوفًا بالدماء والدمار، مدفوعًا بموروث أيديولوجي يرى أن القوة وحدها تصنع السلام.
منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، بعد سلسلة من الأزمات السياسية، عاد نتنياهو إلى استخدام أدواته القديمة: خطاب التخويف من "الآخر"، تسويق إيران كتهديد وجودي، وتحويل كل صراع مع الفلسطينيين إلى معركة حياة أو موت.

فيما يرى كثير من المحللين أن نتنياهو لم يعد فقط رئيس حكومة يسعى للبقاء السياسي، بل أصبح رمزًا لأيديولوجيا تصادمية تُحكم قبضتها على القرار في تل أبيب، تحالفاته مع اليمين المتطرف، وتعنته في الملف الفلسطيني، واستخدامه للملف الأمني كوسيلة لتبرير سياساته.
ومع اشتداد الاشتباكات في غزة، وتهديدات حزب الله في الشمال، والحرب الإيرانية، بات من الواضح أن نتنياهو لا يدير أزمة فحسب، بل قد يكون يصنع انفجارًا بالعالم أجمع.