بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

علي جمعة: أدب الإسلام يبدأ من صمتك.. لا تتكلم إلا فيما يعنيك

بوابة الوفد الإلكترونية

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن من جملة مكارم الأخلاق التي أتى بها الإسلام ما عبّر عنه النبي ﷺ بقوله: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، مشيرًا إلى أن هذا الحديث يُعد أصلًا عظيمًا في تهذيب النفس وضبط اللسان والسلوك، وهو أدب رفيع ندر وجوده في حياة كثير من الناس اليوم.

وأوضح جمعة، عبر صفحته الرسمية، أن بعض الناس يتكلمون في غير موضعهم، ويخوضون في غير تخصصهم، فيتكلم أحدهم بما لا يُحسن، ويُدلي برأيه فيما يجهل، وكل ذلك – كما أشار النبي ﷺ – محسوب عليه، لا له. واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: «كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو ذكرًا لله».

حديث سفيان الثوري: دعمٌ قرآني لمعنى الحديث

وأضاف أن الإمام سفيان الثوري – رحمه الله – رد على من تعجبوا من هذا الحديث قائلًا: "لم التعجب؟! ألم يقل الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]؟"، كما استدل بقوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38].

صحف إبراهيم وأدب العقلاء

وتابع الدكتور علي جمعة: ورد عن النبي ﷺ أن من وصايا صحف إبراهيم عليه السلام أن العاقل يجعل لنفسه ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في خلق الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب [ابن حبان]، مبينًا أن هذا هو العقل الحق: الاشتغال بما ينفع في الدين والدنيا، لا الغرق فيما لا يُجدي.

الحياء من الله.. أن تحفظ الرأس وما وعى

كما أشار فضيلته إلى حديث النبي ﷺ: «الحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا»، موضحًا أن هذا الحديث يُلخص حقيقة الحياء من الله، إذ دعا إلى حفظ الفكر والعقل، لا مجرد الجوارح الظاهرة فقط، لأن الرأس يشمل الأذنين والعينين واللسان، بل وأيضًا ما يفكر فيه المرء ويخطط له.

وأكد أن حفظ البطن يعني مراعاة مصدر الطعام والشراب، فمن أكل حلالًا استُجيبت دعوته، لقوله ﷺ: «أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة».

تذكرة بالموت والبلى.. والانفصال عن زخرف الدنيا

ولفت مفتي الجمهورية السابق إلى أن تذكر الموت والبلى سبيل إلى نقاء السريرة، مشيرًا إلى قول الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۝ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26-27]، مؤكدًا أن استحضار فناء الدنيا يمنح الإنسان توازنًا بين العمل للآخرة وعدم الاغترار بزينة الحياة.

الإسلام.. حلاوة وجمال وأدب

واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بقوله: "ارجعوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة، يأمر بالمعروف، ويدعو إلى الجمال، ويحض على النظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وسوء الأدب"، داعيًا المسلمين إلى التخلق بالحياء الحقيقي، وحُسن الأدب مع الله والخلق.