بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مصر تغير قواعد لعبة الغاز بتعاقدات طويلة الأجل مع 5 شركات عالمية

 الدكتور جمال القليوبي
الدكتور جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول والطاقة

 تسعى مصر حاليًا إلى تقليل اعتمادها على الغاز الإسرائيلي، وذلك بسبب التحديات المرتبطة بتقلبات الإمدادات والظروف السياسية، على الرغم من ذلك، تظل واردات الغاز الإسرائيلي جزءًا من استراتيجية مصر لتلبية احتياجاتها من الطاقة، خصوصًا في ظل تراجع الإنتاج المحلي، ولكن مصر أعدت مسبقًا خطة بديلة لتعويض الغاز الإسرائيلي المقدر بحوالي 800 مليون قدم مكعب، مما دفع الحكومة إلى البحث عن بدائل استراتيجية وسريعة لتأمين احتياجات السوق المحلية.

القليوبي: توسيع قدرات تغييز الغاز إلى أكثر من 2 مليار قدم مكعب يوميًا:

 بدوره، استعرض الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، استعدادات مصر البديلة ومصادرها الجديدة لتأمين احتياجاتها من الغاز والطاقة.

 أكد القليوبي، في تصريحات خاصة لـ«الوفد» أن توقف الغاز الإسرائيلي لم يكن مفاجئًا، إذ توقعت الدولة المصرية هذا السيناريو منذ أكثر من ستة شهور، خصوصًا أن هذه ليست المرة الأولى التي يُقطع فيها الغاز عن خط “شرق المتوسط”، مشيرًا إلى أن الحكومة كانت أعدت خطة استراتيجية تماشيًا مع توجيهات مجلس الوزراء، لضمان عدم حدوث انقطاعات في الكهرباء خلال صيف 2025.

 وأضاف، أن الخطة شملت ثلاثة محاور رئيسية، تمثلت في إبرام عقود طويلة الأجل مع شركات عالمية، حيث إنه، للمرة الأولى، دخلت مصر في تعاقدات طويلة الأجل مع خمس شركات عالمية لتوريد الغاز الطبيعي، لافتًا إلى أن مصر كانت سابقًا تعتمد على صفقات شراء فورية خلال فترة لا تتجاوز 60 يومًا، بينما الآن تملك تعاقدات تمتد لستة شهور فأكثر، مما يمنحها مرونة في توقيت الشراء واستلام الشحنات.

 والمحور الثاني، زيادة القدرة الاستيعابية لسفن التغييز، حيث أشار القليوبي إلى أن مصر كانت تملك سفينة تغييز واحدة فقط، بقدرة لا تتجاوز 250 مليون قدم مكعب يوميًا. واليوم تمتلك الدولة ثلاث سفن تغييز جديدة موزعة على موانئ البحر الأحمر (ميناء السخنة)، وجميعها في مراحل مختلفة من الربط بالشبكة القومية.

 وتستطيع كل سفينة تغييز ما بين 750 إلى 800 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا، أي أن إجمالي القدرة الحالية يصل إلى أكثر من 2 مليار قدم مكعب يوميًا، ما يعزز استقرار الشبكة في ظل الأزمة.

 أوضح القليوبي، أن وزارة الكهرباء انتهت من المرحلة الأولى من الربط الكهربائي المصري - السعودي بقدرة تصل إلى 1500 ميغاوات، مع تقدم العمل في المرحلة الثانية بنسبة 77%، ومن المتوقع اكتمالها بحلول سبتمبر المقبل، لتصل القدرة الإجمالية إلى 3.3 جيجاوات.

 كما تم إدخال مشروعين من مشروعات الطاقة المتجددة (أبيديوس 1 و2) بقدرة 1100 ميجاوات، مع توقع دخول ثلاث محطات إضافية خلال الأشهر القادمة، ليصل إجمالي قدرات الطاقة المتجددة المضافة إلى الشبكة إلى 2500 ميجاوات.

 أشار القليوبي إلى أن قطاع البترول بدأ يعيد ترتيب أولوياته، خصوصًا بعد سداد مستحقات الشركات الأجنبية، حيث بدأت هذه الشركات في توجيه استثماراتها مجددًا نحو عمليات البحث والتنقيب في مصر.

 كما يجري العمل على خط غاز جديد بين مصر وقبرص، سيربط حقلي "قبرص 1" و"أفروديت" بالشبكة المصرية، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع بحلول مارس 2027، ما سيمنح مصر مصدرًا إضافيًا للغاز سواء للاستهلاك المحلي أو لأغراض التسييل وإعادة التصدير.

 كشف القليوبي أن العجز المحلي بلغ نحو 1.8 مليار قدم مكعب يوميًا، وكانت مصر تستورد 800 مليون قدم مكعب من إسرائيل، إلا أن سفن التغييز والتعاقدات طويلة الأجل ساهمت في سد هذا العجز مؤقتًا.

 وفقًا للمهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، فإن توقف إمدادات الغاز من إسرائيل خلق تحديًا كبيرًا، حيث اضطر قطاع الكهرباء إلى استخدام المازوت والسولار كبديل سريع، رغم ما يحمله من تكلفة مرتفعة وتبعات بيئية.

 وأكد يوسف أن الغاز الإسرائيلي يتميز بسعر منخفض مقارنة بالغاز المسال المستورد، ما يعني أن انقطاعه يرفع فاتورة الطاقة. وأوضح أن مصر لا تمتلك مخزونًا استراتيجيًا من الغاز الطبيعي، نظرًا لصعوبة تخزينه، معتمدًا في المقابل على عقود استيرادية مرنة مع شركاء دوليين.

 ويري الخبراء أن تحركات مصر السريعة على أكثر من محور تؤكد أن الدولة تتعامل بواقعية وحزم مع أزمة الطاقة الحالية. وبينما يشكل توقف الغاز الإسرائيلي تحديًا كبيرًا، فإن تنويع الشركاء، توسيع قدرات التغويز، وتسريع ربط حقول الغاز الإقليمية، يعكس استراتيجية مرنة وواقعية لتأمين احتياجات الطاقة، والحفاظ على استقرار السوق المحلي في مواجهة المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

 

الغاز القبرصي.. مستقبل جديد في تأمين الطاقة الإقليمية:

 من جانبه، اجتمع المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية مع وزير الطاقة القبرصي طجورج باباناستاسيو  بالعاصمة اليونانية أثينا، لبحث مستجدات ربط حقول الغاز القبرصية مع مصر، والتركيز على مسارات خطوط الأنابيب، والإجراءات البيئية والتنظيمية، وأعمال المسح البحري.

 وأكد الجانبان أهمية التنسيق لتسريع تنفيذ مشاريع الربط الثنائية واستمرار التشاور الفني ضمن الاتفاقيات الموقعة في فبراير الماضي خلال مؤتمر "إيجيبس 2025". وأشاد وزير الطاقة القبرصي بكفاءة البنية التحتية المصرية وقدرتها على استقبال ومعالجة الغاز القبرصي، معتبرًا التعاون فرصة لتحقيق إمدادات طاقة مستدامة وبكلفة مناسبة.

 أكد الوزير على التزام مصر بتنويع مصادر الطاقة وتعزيز التعاون الإقليمي لتأمين احتياجات المنطقة، مشيرًا إلى أهمية تطوير حقلي "كرونوس" و"أفروديت" كخطوة أولى نحو شراكة استراتيجية ناجحة.