بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

تأملات

ترامب وخامنئى.. وتصريح بالقتل!

وسط معمعة الحرب الجارية الآن بين إيران وإسرائيل والتى بدأت بعمل عدائى من جانب الدولة العبرية فإن النتائج مفتوحة على كل الاحتمالات، وإن كانت النتائج تذهب للأسوأ فى سكة العاقبة على إيران. واذا كانت أبعاد ما يجرى حاليا يصعب تفصيلها فى حيز محدود، فإننا نركز فى هذه السطور على زاوية ضيقة ربما تلخص فى دلالاتها الأزمة ككل. نشير هنا إلى التصريح الذى أدلى به الرئيس الأمريكى ترامب وذهب فيه إلى القول بأن الولايات المتحدة تعلم أين يختبئ المرشد الإيرانى على خامنئى ووصفه بأنه هدف سهل ولن نقتله على الأقل فى الوقت الحالى. من الجوانب التى يكشف عنها التصريح هو التماهى بين الولايات المتحدة وإسرائيل لحد يمكن معه اعتبارهما كيانا واحدا، ما يعنى أن الحرب ليست حربا إسرائيلية على إيران وإنما هى حرب أمريكية إسرائيلية مشتركة.

ربما يعزز ذلك تدخلات ترامب بدعوته سكان العاصمة الإيرانية طهران لإخلائها فورا حسب تحذيره حتى إنه بدا فى منظور البعض كأنه المتحدث العسكرى للجيش الإسرائيلى، وهو ما أكده تصريحه التالى الذى راح يشير فيه إلى أن سيطرتنا كاملة وشاملة على أجواء إيران! ليس ذلك فقط بل إن ترامب راح يفخر بأن السلاح الذى تستخدمه إسرائيل هو سلاح أمريكى لا يوجد سلاح آخر – خاصة ذلك الذى لدى ايران – يتفوق عليه.

لعل كل ذلك فضلا عن تطورات أخرى فى مسار الحرب، تشير إلى أننا نواجه نوعا من القواعد الجديدة فى إدارة العلاقات الدولية تقوم على عدم المبالاة بالقانون الدولى أو ضرب عرض الحائط بهذا القانون.. ربما يبدو لنا ذلك جليا اذا قارنا ما جرى بما حدث فى عملية ضرب العراق، حيث سعت الولايات المتحدة بكافة السبل للحصول على قرار من مجلس الأمن بشن عمليات ضد بغداد لإضفاء الشرعية على هجومها. فى العملية الإسرائيلية الأخيرة لم تهتم إسرائيل أصلا بالحصول على أى نوع من الموافقة أو التغطية الدولية لهجماتها وإنما راحت تضع نفسها الخصم والحكم فقررت أن إيران تسعى لامتلاك قنبلة نووية وقررت أن ذلك يستحق المبادرة بالقضاء على ذلك المسعى. من أسف أن دول الغرب وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا ورئاسة الاتحاد الأوروبى راحت تقر ذلك المسعى باعتباره يعبر عن حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. إنه قانون الغاب فى أكثر تجلياته المعاصرة تطبيقا.

كما أن مواقف ترامب تشير إلى أن العالم مقبل على لغة مختلفة فى علاقات الدول قوامها الفتونة أو البلطجة، وإلا فما معنى أن يعلن رئيس أكبر دولة اتخاذ قرار بقتل زعيم دولة أخرى وأن القرار مؤجل! الغريب أن يتم ذلك فى سياق يستهدف النيل من وضع إيران حيث راح ترامب يشير إلى أن بلاده تعرف أين يختبئ فى محاولة للحط من موقف خامنئى رغم أن إسرائيل ذاتها اشارت إلى أن نتانياهو نفسه جرت عملية اختباء له تحت الأرض حماية له من الهجمات وهذا امر يبدو طبيعيا فى الحروب خشية أن ينال القائد أو الزعيم مكروه.

تخيل لو أن تلك اللغة صدرت عن طرف عربى أو إسلامى لجرى اتهامه على الفور بالإرهاب، وهو ما يشير إلى غياب وحدة المعايير فى التعامل مع الأحداث على المستوى الدولى، فقتل زعيم اسلامى أو عربى يعتبر عملا عسكريا، وقتل زعيم غربى هو عمل إرهابى، والمبادرة بالدفاع عن النفس من دولة عربية اعتداء وهجوم فى حين أن الفعل نفسه من إسرائيل أو مثليتها دفاع عن النفس.

الأيام القادمة حبلى بالكثير من التطورات المثيرة والغريبة وأعتقد أن تأثيرها علينا كعرب ودروسها كثيرة ولن تنتهي!

[email protected]