ملك الأردن: الضربات الإسرائيلية ضد إيران تهدد بتصعيد خطير على مستوى العالم

أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية، أن العالم عندما يفقد قيمه الأخلاقية، فإنه يفقد قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ.
وأوضح أن التاريخ يُظهر بأن الحروب نادرًا ما تدور فقط حول السيطرة على الأرض، بل هي في جوهرها صراع بين رؤى وأفكار وقيم متنافرة تشكل ملامح المستقبل.
وأشار الملك إلى أن المجتمع الدولي واجه في السنوات الأخيرة سلسلة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، كان أبرزها جائحة كورونا، والتهديدات الأمنية، والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الحرب الدائرة في غزة، والضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، والتي تهدد بتصعيد خطير على مستوى الإقليم والعالم.
وقال العاهل الأردني: "نحن نعيش في زمن تتوالى فيه الأزمات بلا انقطاع، ما يجعلنا نشعر وكأن العالم يفقد بوصلته الأخلاقية، حيث تتفكك القواعد، وتتغير الحقائق باستمرار، وتتراجع القيم العالمية أمام تصاعد التطرف الأيديولوجي".
ولفت إلى أن أوروبا أدركت بعد الحرب العالمية الثانية أهمية إعادة البناء، ليس فقط للبنى المادية، وإنما لمنظومة القيم التي تنهض عليها المجتمعات، فاختارت مسار الكرامة الإنسانية بديلًا عن الهيمنة، والقانون بدلًا من القوة، والتعاون محل الصراع.
وبيّن الملك عبدالله أن تاريخ التعاون العربي الأوروبي طالما استند إلى قيم مشتركة مثل الاحترام، والنوايا الطيبة، وتحمل المسؤولية، وهي ذاتها القيم التي يمكن أن توجهنا لمواجهة تحديات العصر الحديث.
وأضاف أن "هذه القيم متجذرة في الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، وتتجلى في مبادئ الرحمة والعدل والمساواة، وفي أخلاقيات يومية مثل إكرام الجار، وحماية الضعفاء، وصون البيئة، ومساعدة المحتاجين".
وشدد على أن التزام الأردن بهذه القيم ينبع من تاريخه وإرثه الثقافي، وهو ما انعكس على مبادئه الوطنية المبنية على التسامح والاحترام. وقال: "نحن نعتز بأننا نحتضن موقع معمودية السيد المسيح، وبلدنا الإسلامي يضم مجتمعًا مسيحيًا عريقًا، وجميعنا نعمل معًا لبناء وطن مشترك".
كما أشار إلى أن هذه القيم تشكل جوهر الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تهدف إلى حماية هويتها الدينية المتنوعة، واستذكر العهدة العمرية التي أوصت باحترام دور العبادة المسيحية، وعدم إيذاء رجال الدين أو المدنيين، مؤكدًا أن هذه المبادئ الإنسانية تجد صداها اليوم في القانون الدولي، لكنها تواجه تحديات متزايدة في ظل الأحداث الجارية.
وختم الملك عبدالله كلمته بالتأكيد على ضرورة التكاتف من أجل حماية تلك القيم، وضمان استمرارها في وجه الأزمات، لتبقى أساسًا للسلام والتعايش العالمي.