تحت المجهر
تعيش منطقة الشرق الأوسط ـ منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» ـ أسوأ مرحلة في تاريخها، من خلال الخطط الاستعمارية لإعادة رَسْم خرائط السلطة والنفوذ و«التَّبَعِيَّة»، اعتمادًا على «مرجعية»، التقسيم والتفتيت.
لذلك، نتصور أنه من السذاجة والبلاهة الاعتقاد بأن قرار الحرب على إيران، قد تم اتخاذه بشكل منفرد من قبل «إسرائيل»، خصوصًا في معركة مصيرية، سيكون لنتائجها الأثر الأبرز في رسم خريطة الشرق الأوسط، وتحديد ملامح «النظام العالمي الجديد».
منذ اللحظة الأولى لانطلاق العدوان «الصهيوني»، على إيران، لم ينقطع الحديث عن الدور الأمريكي «المؤكد» في هذا العدوان وطبيعته، سواء أكان من خلال التنسيق المسبق بين واشنطن و«تل أبيب»، في اتخاذ قرار الحرب، أو دعم الولايات المتحدة بالاستخبارات والأسلحة الفتاكة والتقنية التكنولوجية.
عندما نؤرخ لهذه المرحلة، فلا أقل من صفها بأسوأ مراحل الانحطاط على الإطلاق، حيث بدأت في 7 أكتوبر 2023، لتُظهر النِّفاق الغربي والانبطاح العربي، ثم تحولت في 13 يونيو 2025 إلى نكسة جديدة، وتجديد «بَيْعَة» الاستسلام والخنوع!
لذلك، آن الأوان لأن نستفيق من غيبوبة تاريخية طالت أكثر مما ينبغي، وأن نتوقف عن مراقبة حرائق بلداننا وكأنها مشاهد من مسرحية عبثية لا نملك فيها دورًا.. فما جرى ويجري في إيران وغزة وسورية ولبنان والعراق واليمن وليبيا والسودان، ليس قدرًا لا يُرَد، بل نتيجة حتمية لفراغ عربي قاتل، ترك المجال مفتوحًا لقوى إقليمية ودولية لتعبث بجغرافيتنا، وتُعيد تشكيلها وفقًا لأحلامها ورغباتها.. لا لمصالح شعوبنا!
إذن، ليس مستغرَبًا أن ما يحدث الآن، هو عبارة عن «صراع وجودي» و«عقائدي»، نعيش أهم جولاته، خصوصًا عندما يكون «عدونا الحقيقي والأزلي» هو «الكيان الصهيوني» المحتل والغاصب، الذي يعتمد «مرجعية دينية» و«دلالات توراتية»!
اللافت أنه قبل ساعات من العدوان «الصهيوني» الواسع على إيران، توجه رئيس وزراء دولة الاحتلال «بنيامين نتنياهو» إلى حائط البراق «المبكى» في القدس المحتلة، ليضع ورقة بين الأحجار كُتبت عليها آية توراتية تقول: «شَعْبٌ يَقُومُ كَلَبْوَةٍ، وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ»!
لكن أكثر ما يُدمي القلب، أنه منذ الساعات الأولى للعدوان «الإسرائيلي»، لاحظنا حجم الانهزامية والأحقاد والشماتة، عند بعض «العرب» و«المسلمين»، الذين لم يخجلوا من الإفصاح عن أمنياتهم بهزيمة «الفُرس»!
هؤلاء الذين يُعادون إيران ويهاجمونها، ويجتهدون في لومها، ربما لا يُدركون أن طهران هي البداية فقط، والدور آتٍ على الجميع، من دون استثناء، وأنها لم تكن لتوضع تحت المجهر «الصهيوأمريكي» و«الغربي» لولا دعمها للمقاومة، وعدم «ركوعها» و«خنوعها» لـ«الشيطان الأكبر»!
أخيرًا.. ما يجري حاليًا، يشير إلى نتائج كارثية ـ لا نتمناها ـ بأن المنطقة تسير على طريق الهيمنة «الصهيوأمريكية»، القائمة على التقسيم والتفتيت، وفتح منافذ الكراهية، وتأجيج الصراعات المذهبية والعِرقية والطائفية، وصولًا إلى «شرق أوسط جديد»، خالٍ من الدِّين والكرامة والشرف والمروءة والنخوة.
فصل الخطاب:
يقول «الإمام الحسين بن عليّ»: «إن لم يكن لكم دِينٌ وكنتم لا تخافون الآخرة، فكونوا أحرارًا في دنياكم».