بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الوجبات سريعة على الطريقة الرومانية: اكتشاف حفريات لوجبات من الطيور

حفريات الطيور
حفريات الطيور

الطيور .. كشفت حفريات أثرية حديثة في مدينة بولينتيا الرومانية القديمة في جزيرة مايوركا الإسبانية، عن تفاصيل مذهلة حول عادات الأكل لدى عامة الشعب في الإمبراطورية الرومانية، إذ كان الإقبال واسعًا على تناول طيور القلاع الصغيرة المقلية، والتي كان يُعتقد سابقًا أنها من الأطعمة الفاخرة الخاصة بالنخب فقط.

من المائدة الأرستقراطية إلى متاجر الشارع

لطالما صُوّرت طيور القلاع، وهي من الطيور المغردة، في المصادر الكلاسيكية الرومانية كطبق مترف يُقدّم في الولائم الأرستقراطية، لكن دراسة نشرت مؤخرًا في المجلة الدولية لعلم الآثار العظمية، قلبت هذا الاعتقاد رأسًا على عقب، بعد أن عثر الباحثون على 165 عظمة من هذه الطيور في حفرة صرف صحي تعود إلى فترة ازدهار المدينة، ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.

مطاعم "البوبيناي" الرومانية تقدم طيورًا مقلية

تشير الحفريات إلى أن متاجر الطعام المعروفة باسم "بوبيناي" أو "تابيرناي"، كانت تنتشر في المناطق التجارية بالقرب من المنتديات الرومانية، وتقدم وجبات جاهزة سريعة تشمل طيور القلاع. 

وأظهرت التحاليل أن القصبة الصدرية للطيور كانت تُزال قبل الطهي، مما يسهل تسطيحها وقليها سريعًا في الزيت، وهو أسلوب طهي يُعدّ أكثر ملاءمة للاستهلاك الفوري.

نموذج موحد لطهي الطيور

وجد الباحثون دلائل على أن هذه المتاجر اتبعت نهجًا موحدًا ومقننًا لتحضير هذه الوجبات، مما يعكس درجة من الاحتراف والتنظيم في صناعة الغذاء بالحضر الرومانية. ويعتقد الخبراء أن إزالة القصبة الصدرية للطيور ساهم في الحفاظ على رطوبة اللحم وسرعة تحضيره، وهو ما يتناسب مع متطلبات الزبائن المتعجلين في بيئة حضرية نشطة.

تحدي الفرضيات السابقة حول الغذاء الروماني

يغيّر هذا الاكتشاف النظرة التقليدية التي ربطت هذه الأطعمة الفاخرة بالطبقة الأرستقراطية فقط. فالانتشار الواسع لاستهلاك طيور القلاع، كما يظهر في المخلفات اليومية، يشير إلى أنها كانت متاحة لعامة الناس. 

كما أن التوقيت الموسمي لتوفرها يتزامن مع هجرة هذه الطيور، مما يدل على إدراك التجار الرومان لدورات الطبيعة واستغلالها في التجارة وتعزيز التنوع الغذائي.

دلالة ثقافية واقتصادية

لا يقتصر الاكتشاف على الجانب الغذائي فحسب، بل يحمل في طياته إشارات ثقافية واجتماعية إلى قدرة المجتمعات الرومانية على التكيف مع الواقع الاقتصادي، وتوفير وجبات سريعة ميسورة تستلهم من الأطعمة الفاخرة وتُقدم بأسلوب بسيط يناسب الحياة اليومية للعامة.

وتسلط الدراسة الضوء على جانب جديد من الحياة اليومية في الإمبراطورية الرومانية، حيث لم تكن الفخامة حكرًا على القصور، بل وجدت طريقها إلى الزبائن العاديين عبر المقالي السريعة على أرصفة المدن القديمة.