الهجمات الإسرائيلية على إيران تشعل أسعار الذهب عالميًا

ما تزال التطورات السياسية المتسارعة والصراعات الاقتصادية تلقي بظلالها الثقيلة على أسعار الذهب، فتدفعه مجددًا إلى الارتفاع بعدما شهدت الأسواق محاولات خجولة للعودة إلى مسار أكثر استقرارًا.
فقد بدأ الذهب مؤخرًا في اتخاذ منحنى تصحيحي مع تراجع وتيرة التذبذبات، خصوصًا مع ظهور بوادر إيجابية تشير إلى قرب التوصل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين بخصوص التعريفات الجمركية، إلى جانب صدور بيانات أمريكية متزنة بشأن معدلات البطالة والتضخم، حيث جاءت أغلبها ضمن توقعات المحللين.
بيانات التضخم الأمريكية أظهرت تباطؤًا نسبيًا في وتيرة ارتفاع أسعار المستهلكين خلال مايو، بينما جاءت أرقام التضخم على مستوى المنتجين أفضل من المتوقع، وواكبت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية توقعات الأسواق. في المقابل، خفت حدة التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بعد تصريح ترامب بإمكانية العدول عن فكرة إقالته، رغم استمرار الضغط لتخفيض أسعار الفائدة، ما زاد من ضبابية التوقعات حول مستقبل الدولار.
لكن هذه الأجواء الهادئة لم تدم طويلًا. فقد قلبت تطورات مفاجئة في المشهد الدولي، ليلة الخميس، موازين الأسواق وأعادت مشاعر القلق إلى الواجهة.
الهجمات الإسرائيلية على مواقع بالغة الحساسية داخل الأراضي الإيرانية، واغتيال عدد من العلماء والعسكريين الإيرانيين، أعادت خلط الأوراق ودفع المحللين إلى إعادة تقييم تداعيات الحدث في ضوء خطورته الجيوسياسية.
نتيجة لذلك، قفز سعر الذهب عالميًا بنسبة 1.7% ليبلغ 3444 دولارًا للأوقية، بعدما افتتح التداول عند 3383 دولارًا، مسجلًا بذلك أعلى مستوياته منذ مطلع مايو. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كان الذهب يُتداول عند 3436 دولارًا، مقتربًا من حاجز 3500 دولار.
كما ارتفع الدولار بنسبة طفيفة بلغت 0.9% أمام كل من اليورو والجنيه الإسترليني، إلا أن بعض المحللين يرجحون أن هذا الارتفاع قد لا يستمر، خصوصًا إذا هدأت وتيرة التوترات أو صدرت قرارات مفاجئة عن الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه المرتقب يوم الأربعاء 18 يونيو.
الانعكاس على السوق المحلي: الذهب يسجل أرقامًا قياسية
التقلبات العالمية وانعكاسات سعر الدولار تركت أثرًا مباشرًا على السوق المصري، إذ شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات اليوم، حيث بلغ سعر الجرام من عيار 21 نحو 4850 جنيهًا، وعيار 18 نحو 4157.14 جنيهًا، وعيار 24 نحو 5542.86 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى 38,800 جنيه.
وفي تعليقه على هذه التطورات، أوضح المهندس هاني ميلاد، رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية، أن السوق المصري يتأثر سريعًا بالمتغيرات العالمية نظرًا لارتباط تسعير الذهب محليًا بالدولار.
وأضاف أن الذهب لا يزال يُعتبر الملاذ الآمن الأول للمستثمرين والحكومات والأفراد في أوقات التوتر، في ظل عدم اليقين الذي يحيط بباقي أنواع الأصول، سواء كانت العملات الرقمية أو الأسهم أو السندات الحكومية. وبيّن أن وتيرة صعود الأسعار مرهونة باستمرار التصعيد، فيما يمكن للأسواق أن تشهد تراجعًا وتصحيحًا إذا ما هدأت الأوضاع العالمية.