بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

زخم وول ستريت يواجه اختباراً شرق أوسطياً

قوات الإنقاذ الإسرائيلية
قوات الإنقاذ الإسرائيلية داخل مبنى تضرر جراء هجوم بصاروخ

في خضم تصعيد جيوسياسي كاد أن يُشعل فتيل انهيار في الأسواق العالمية، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات استهدفت منشآت نووية إيرانية، ما دفع طهران إلى تنفيذ وعودها بالرد. وعلى وقع هذه التطورات، قفزت أسعار النفط بسرعة.

 

ومع ذلك، في عام حافل بالتقلبات والأزمات المتعاقبة، قرر المتداولون من لندن إلى نيويورك الترقب والتهدئة بدلاً من الهروب، ما ساعد على احتواء الصدمة.

 

فرغم ارتفاع الذهب وتراجع الأسهم وتقلب السندات، لم تحدث موجات بيع عنيفة. أغلق مؤشر "S&P 500" الأسبوع منخفضاً بشكل طفيف، محافظاً على مسافة تقل عن 3% من ذروته التاريخية، فيما تخلّى النفط عن جزء من مكاسبه المبكرة.

 

هذا الهدوء النسبي يعكس نمطاً مألوفاً لدى الأسواق: صدمة أولى، تراجع مؤقت، ثم دخول المستثمرين المتعودين على اقتناص الفرص عند الهبوط. نمط تعزّز مؤخراً بدعم من بيانات تضخم وثقة مستهلكين جاءت أفضل من المتوقع، ما أضفى مزيداً من الزخم الإيجابي على التداولات.

 

الزخم يُعزز التماسك

رغم اضطراب التداولات بفعل الغارات يوم الجمعة، فإن ديناميكيات الزخم ظلت فعالة. من اتساع نطاق التحركات في الأسهم والعملات المشفرة إلى استقرار نسب المخاطر في سندات الشركات، حافظت الأسواق على اتجاهات إيجابية، ما يعكس خشية مديري الأموال من تفويت موجة الصعود، أكثر من خوفهم من التراجعات.

 

ووسط ترقب لما ستؤول إليه التطورات الجيوسياسية مطلع الأسبوع، تنصبّ أنظار المستثمرين على أي مؤشرات قد تصدر من الشرق الأوسط أو واشنطن، قد تعيد تشكيل المزاج العام في الأسواق، وتختبر مدى قدرة الزخم على الصمود.

 

يقول ماكس جوكمان، نائب رئيس الاستثمار في "فرانكلين تمبلتون إنفستمنت سوليوشنز": "ما نراه هذا العام هو أن تجاهل الأخبار السلبية أثبت جدواه حتى الآن... لكن عندما يتحول الزخم إلى حالة من النشوة المفرطة، قد تكون الصدمة أقوى بكثير، وإن كنا لم نبلغ هذه المرحلة بعد".

 

قلق لم يغِب

رغم التماسك الظاهري، يظل التوتر مسيطراً. فإسرائيل حذّرت من استمرار عملياتها، وإيران توعّدت بردود أقسى. ومع هذا التصعيد، اتجه المستثمرون الأفراد نحو السيولة والذهب، في وقت لم تقدم فيه السندات ملاذاً آمناً كافياً، خصوصاً مع ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات.

 

وزاد التوتر مع إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نيته فرض رسوم جمركية شاملة خلال أسبوعين، ما أثار مخاوف من اضطرابات في العرض، تتقاطع مع سوق نفط متوترة أصلاً.

 

وفي هذا السياق، يرى مايكل بورفيس، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"تالباكين كابيتال": "إذا تجاوزت الأسهم هذه العاصفة، فذلك سيُعزز موجة الـFOMO بشكل أكبر، ويغذي شعوراً بأن السوق محصّنة ضد الصدمات، مما يزيد من مخاطر الانعكاسات السلبية".

 

السلع في مرمى النيران

انتهى أسبوع التصعيد بتكبّد السلع الأساسية أكبر الخسائر. فقد ارتفعت أسعار النفط بنحو 8%، ولامس الذهب قمماً قياسية، فيما تراجع مؤشر "S&P 500" بـ0.4%. كذلك انخفضت عوائد سندات الخزانة 10 نقاط أساس، وارتفع مؤشر التقلبات "VIX" إلى ما فوق 20.

 

قدرة السوق على امتصاص هذه الصدمات تعود إلى تراكم الخبرات خلال أزمات عام 2025، من التضخم إلى السياسة التجارية. فكل أزمة أطلقت موجات بيع، لكنها ما لبثت أن تبعتها ارتدادات سريعة غذّت الزخم، لا العكس.

 

وسجل مؤشر "سوسيتيه جنرال" لزخم الأصول المتعددة واحدة من أقوى حركاته العكسية، حيث أطلقت تسعة من أصل 11 مكوناً إشارات إيجابية، في وقت كانت فيه أسواق الأسهم والدخل الثابت والعملات تُظهر إشارات صعود متزامنة.

 

مراهنة على المخاطر

المفارقة أن المستثمرين تدافعوا نحو الأصول الأكثر تقلباً. وتظهر بيانات "بلومبرغ إنتليجنس" أن الصناديق المتداولة التي تركز على الأصول مرتفعة المخاطر اجتذبت تدفقات تفوق نظيراتها منخفضة المخاطر، في مؤشر على تعاظم ظاهرة FOMO.

 

من جهته، يرى ناثان ثوفت، من "مانولايف إنفستمنت": "الانتعاش الأخير يبدو مفرطاً في تفاؤله، خاصة في ظل الضبابية المرتبطة بالتعريفات والاضطرابات الجيوسياسية... ورغم ذلك، نستبعد السيناريوهات المتشائمة بالكامل".

 

ركود غير مرجّح

وفي ظل هذا الزخم الإيجابي، تتضاءل احتمالات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود. فبيانات التضخم الأخيرة جاءت دون التوقعات، وثقة المستهلكين ارتفعت، بحسب أرقام جامعة ميشيغان، في وقت أبقى فيه "مؤشر التقلبات" على هدوئه.

 

يقول مايكل بيلي، مدير الأبحاث في "FBB كابيتال": "تدفق الأخبار الإيجابية أو المحايدة يُبقي شهية المستثمرين مفتوحة لاقتناص التراجعات... والتفاعل المحدود مع التصعيد الإيراني الإسرائيلي يوحي بأن السوق ترى ما يحدث كأزمة محدودة النطاق، لا مهددة لاتجاه الصعود القائم".