بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

من أهرامات القاهرة إلى مصانع تشانغشا

الصين تنسج خيوط تحالف الجنوب العالمي مع العرب وأفريقيا

منتدى حوار الحضارات
منتدى "حوار الحضارات الكلاسيكية"

 في مشهدين متكاملين يعكسان عمق استراتيجية الصين نحو الجنوب العالمي، شهدت العاصمة المصرية القاهرة ومدينة تشانغشا الصينية حدثين رفيعي المستوى خلال 24 ساعة، يجسدان التزام بكين بترسيخ التعاون الثقافي والتنموي مع العالم العربي وأفريقيا. 
 

إحياء حوار الحضارات من القاهرة:
 انطلقت في القاهرة يوم الخميس أعمال منتدى "حوار الحضارات الكلاسيكية" بين الصين والعالم العربي، الذي ترأسه مندوب الصين بالجامعة العربية، بحضور نخبة من المفكرين والخبراء من الجانبين.

 وافتتحت قوه تشينغ يان، نائبة مدير مركز نيشان لدراسات الكونفوشيوسية، المنتدى بالإشادة بمكانة القاهرة التاريخية، واصفة إياها بـ"المدينة العظيمة ذات الحضارة الضاربة في التاريخ". وأكدت أن اختيار مصر مقرًا للمنتدى يعكس احترام الصين للإرث الحضاري العربي وسعيها لبناء جسور تواصل مستدامة. 

 ركز الحوار على فكرة محورية: "الحضارات لا تتصارع بل تتكامل"، معتبرًا أن الفهم المتبادل هو الطريق الوحيد لبناء مستقبل مزدهر وسلمي. وحدد المشاركون آليات عملية لتحقيق هذا الهدف، تشمل تعزيز الترجمة المتبادلة للنصوص الكلاسيكية، وتوسيع التعاون البحثي المشترك، وتفعيل برامج التبادل الأكاديمي بين الجامعات والمعاهد الثقافية. 

 نظم المنتدى عبر تحالف مؤسسي ضمّ مركز نيشان، والمعهد الصيني للفكر والحضارة الكلاسيكية، بالشراكة مع جامعة القاهرة والمجلس الأعلى للثقافة المصري، وبدعم من سفارة الصين في مصر. وختمت التوصيات بالتأكيد على أهمية استلهام الحكمة القديمة لمواجهة تحديات العصر، معتبرة أن احترام الهوية الإنسانية المشتركة هو أساس الحلول العالمية. 

من تشانغشا.. عجلة التحديث المشترك: 
 على بعد آلاف الكيلومترات، اجتمع في تشانغشا ممثلون عن الصين و53 دولة أفريقية ومفوضية الاتحاد الأفريقي في لقاء وزاري لدفع تنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك). قرأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الكونغولي جان كلود جاكوسو رسالتي تهنئة من رئيسي البلدين، حيث أكد الرئيس شي جين بينغ في رسالته على أهمية التضامن الصيني-الأفريقي، معلنًا إجراءات جديدة لتعزيز الانفتاح والتعاون مع القارة. 

 استعرض وانغ يي إنجازات الربع قرن الماضي للمنتدى، مشيرًا إلى قيادته للعلاقات نحو "قفزات تنموية هائلة" و"أفضل فترة في تاريخها"، مع إحراز تقدم ملموس في تنفيذ "خطط العمل العشر للشراكة من أجل التحديث" التي أُعلنت في قمة بكين. ووصف الصين (أكبر دولة نامية) وأفريقيا (أكبر قارة نامية) بأنهما "قوى محورية للجنوب العالمي"، داعيًا في ظل التحولات الدولية إلى التمسك بالتضامن ومواجهة الشكوك العالمية بعلاقات مستقرة. 

 بدوره، عبّر جاكوسو عن شكر أفريقيا للدعم الصيني، مؤكدًا ترحيب القارة بخطط التحديث ودعمها لرؤية التعاون 2035. وأعلن وقوف الجانب الأفريقي مع الصين ضد "إساءة استخدام الرسوم الجمركية والعقوبات الأحادية"، صادرين عن الاجتماع "إعلان تشانغشا" لتدعيم تضامن دول الجنوب. 

 يشكل الحدثان - حوار القاهرة الثقافي وشراكة تشانغشا التنموية - جناحي استراتيجية الصين لتعزيز تحالفات الجنوب العالمي. فبينما تبني القاهرة جسور التفاهم الحضاري، تدفع تشانغشا بعجلة التحديث المادي، مجسدةً تصريح وانغ يي: "القرن الـ21 هو قرن لآسيا بقدر ما هو لأفريقيا"، وتأكيد القاهرة أن "الحضارات تتكامل". عبر هذا المسار المزدوج، تسير الصين وشركاؤها نحو صياغة نظام دولي يقوم على التعددية والمنفعة المتبادلة.