المعارضة الإسرائيلية تفشل فى حل الكنيست.. و«الحريديم» يمنحون قبلة الحياة لـ«نتنياهو»

فشلت أمس أحزاب المعارضة الإسرائيلية فى تمرير مشروع قانون حل الكنيست بعد انسحاب الأحزاب الحريدية من التصويت، ما منح حكومة بنيامين نتنياهو دفعة جديدة للبقاء فى حكومته. على حساب الدم الفلسطينى المستباح فى قطاع غزة.
وكانت المعارضة الإسرائيلية قد طرحت مشروع حل الكنيست تمهيداً للتوجه نحو انتخابات مبكرة، إلا أن الاتفاق الذى توصلت إليه الأحزاب الحريدية مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولى إدلشتاين، حول صيغة قانون التجنيد، حال دون ذلك.
وبحسب نتائج التصويت، عارض المشروع 61 نائباً من أصل 120، بينما أيده 53 فقط، ما أدى إلى إسقاطه رسميًا، ولن يُتاح للمعارضة إعادة طرحه مجددًا قبل مرور ستة أشهر.
وكانت الأحزاب الحريدية قد طالبت المعارضة بتأجيل التصويت للأسبوع المقبل، لإتاحة المجال أمام استكمال المفاوضات حول قانون التجنيد، مهددة بأنها ستصوّت ضد المشروع فى حال عدم الاستجابة.
وعلى الرغم من ذلك قررت كتل المعارضة التقدّم بمشروع القانون للتصويت دون تأجيل، ما دفع الحريديم إلى الإيفاء بتهديدهم والتصويت ضده.
وقبيل التصويت، أعلن حزبا «ديغل هتوراه» و»شاس»، المكوّنان الأساسيان لتحالف «يهدوت هتوراه»، أنهما سيعارضان حل الكنيست، بعد اتفاقهما مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولى إدلشتاين، على مبادئ مسودة قانون التجنيد، الذى سيحافظ، وفق قولهم، على «مكانة طلاب المعاهد الدينية». وفى الوقت نفسه، صوّت اثنان فقط من نواب «أغودات يسرائيل» – وهو المكوّن الثانى لتحالف يهدوت هتوراه – لصالح مشروع الحل.
وينص الاتفاق الجديد على فرض الخدمة العسكرية الإلزامية لفئة الشباب من 18 إلى 26 عاماً بموجب «تشريع مؤقت» (أمر ساعة)، مع إمكانية تمديد العمل به لاحقاً. ويستهدف القانون تجنيد 4,800 من الحريديم فى العام الأول، و5,700 فى العام الثانى، مع العمل على تجنيد 50٪ من الفئة العمرية المستهدفة خلال خمس سنوات.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر حريدية أن العقوبات المفروضة على غير الملتزمين بالتجنيد قد تخدم فعلياً الحاخامات الرافضين لخروج الشبان للعمل أو الدراسة.
ووصفت الصحفية الإسرائيلية دافنا ليئال التفاهمات بأنها «إنجاز كبير للحريديم»، مشيرة إلى أن إعادة الميزانيات للمعاهد الدينية كانت مقابل الالتزام المؤقت بمسار التجنيد، بينما يُتوقع أن يُعاد التفاوض على القانون بعد عام إذا لم تتحقق 75٪ من أهداف التجنيد، حيث يتم حينها تعليق أو تقليص الميزانيات وفقًا لمستوى الالتزام.
ويُعد دعم الأحزاب الحريدية أساسياً لاستمرار حكومة نتنياهو، إذ كان قد نجح سابقاً فى كسبها إلى معسكره بعد وعود مالية سخية، رغم رفضها التاريخى للانخراط فى الخدمة العسكرية. ويشير المعلقون إلى أن تلك الأحزاب اختارت الحفاظ على التحالف مع نتنياهو فى ظل الأزمة الأمنية المستمرة، رغم التباين حول مسألة التجنيد.
وأكد وزير الحرب الأسبق، وعضو مجلس الحرب المستقبل بينى جانتس فى تصريح صحفى إن نتنياهو لا يقنع الحريديم بالتجند بل يقنعهم بأن الوضع الأمنى لا يسمح بإجراء انتخابات.
يأتى هذا التطور بعد أسابيع من التوتر داخل الائتلاف الحاكم، حيث لوّحت الأحزاب الدينية بالخروج من الحكومة إذا ما فُرض التجنيد الإجبارى دون تسوية تحفظ لهم امتيازاتهم. لكن تفاهمات اللحظة الأخيرة منحت نتنياهو وحلفاءه هامشاً جديداً للبقاء، فى ظل أزمة سياسية وأمنية متفاقمة تعصف بالمشهد الإسرائيلى.
يتزامن المشهد وفى الشارع السياسى الإسرائيلى مع ليل حالك بآلاف البطون التى تتلوى من الجوع تزحف تحت جنح الظلام لتحجز لها مكانا فى طوابير الموت الصهيونية الأمريكية للحصول على القليل من الغذاء فيما تباغتها الصواريخ فتبتر روحها لتفلت يدها بكيس من الدم بها القليل من الدقيق.
عزلت حكومة الاحتلال الإسرائيلى برئاسة بنيامين نتنياهو قطاع غزة عن العالم
وشنت سلسلة من الغارات الوحشية ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض استكمالا لحرب الإبادة الجماعية وذلك منذ السابع من أكتوبر 2023، بدعم أمريكى وأوروبى، ارتكاب مجازر ممنهجة فى قطاع غزة، راح ضحيتها أكثر من 182 ألف شهيد ومصاب معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، فى ظل ظروف إنسانية كارثية تزداد سوءًا يومًا بعد آخر.
وفتح الاحتلال نيرانه الرشاشة تجاه جموع الفلسطينيين المجوعين والباحثين عن لقمة العيش فى رفح جنوبا ما أسفر عن ارتقاء عشرات الشهداء وإصابة آخرين.
وأعلنت مصادر طبية فى مستشفى العودة بالنصيرات، وسط القطاع، استشهاد العشرات وإصابة نحو 200 آخرين على الأقل جراء إطلاق قوات الاحتلال النار على تجمع من المدنيين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية قرب محور نتساريم.
كما يتواصل إطلاق النار الكثيف والقصف المدفعى من آليات الاحتلال، ما أدى إلى وقوع إصابات جديدة بين المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
واكد شهود عيان ارتقاء الشهيد عبدالوهاب جرير أبو هداف، ظوزوجته، ونجله إثر قصف استهدف خيام النازحين فى منطقة المواصى قرب القرارة بمحافظة خان يونس جنوب القطاع.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطينى وجود صعوبة كبيرة فى التواصل مع طواقمه فى غزة جراء انقطاع كامل فى خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة فى القطاع عقب استهداف مباشر لخطوط الاتصالات من قبل قوات الاحتلال.
وأشار إلى مواجهة غرفة عمليات الطوارىء لصعوبة فى التنسيق مع المنظمات الأخرى للاستجابة للحالات الإنسانية.
وأكدت حركة حماس أن قطع الاحتلال المجرم خطوط الاتصالات بشكل متعمّد، خطوة عدوانية جديدة فى سياق حرب الإبادة الجماعية، وبهدفشلّ عمل القطاعات الحيوية وفى مقدمتها القطاع الطبى والإنسانى.
وحذرت من تصاعد الخطر الذى يتهدد أبناء الشعب الواحد باستهداف ما تبقى من البنية التحتية وقطاعات العمل المدنى والإنسانى، وندعو المجتمع الدولى إلى تحمّل مسئوليته.
وتصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفى وقت لاحق على مشروع قرار يطالب بوقف فورى وغير مشروط ودائم لإطلاق النار فى غزة، بعد فشل مجلس الأمن فى تبنى مشروع قرار مشابه، إثر «فيتو» أمريكى.
أكدت مصادر دبلوماسية أن التصويت يأتى قبل مؤتمر للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، بهدف إعطاء زخم للجهود الدولية تجاه حل الدولتين.
وتوقعت المصادر أن توافق الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى تضم 193 عضوًا، على النص بأغلبية ساحقة، على الرغم من ضغوط مارستها «تل أبيب» على الدول المصوتة على مشروع القرار.
واستخدمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضى حق النقض ضد مشروع قرار فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يطالب بوقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات الإنسانية فورًا.
وأعلنت زوجة الناشط البرازيلى، تياغو أفيلا، أحد نشطاء السفينة «مادلين» التابعة لأسطول الحرية، أن زوجها بدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجًا على احتجازه التعسفى من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى.
وقال مركز «عدالة»، فى بيان له أن الناشط البرازيلى «أفيلا»، بدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام والماء، منذ فجر الإثنين الماضى
وقالت زوجة الناشط «أفيلا»، إنه رفض توقيعوثيقة ترحيل تتضمن اعترافًا بجرم لم يرتكبه، ما دفع سلطات الاحتلال تمدد اعتقاله لمدة 7 أيام أخرى، مشيرة إلى أن زوجها اختُطف من المياه الدولية ونُقل دون علم السفارة إلى تل أبيب، وأضافت أن محامية زوجها أخبرتها أنه حاليا فى الحبس الانفرادى، وأن تمديد احتجازه 7 أيام غير قانونى وإذا حدث فسترفع ذلك إلى المحكمة العليا.
واعتقل الاحتلال الإسرائيلى فى المياه الدولية 12 ناشطا من سفينة «مادلين» أثناء توجهها لقطاع غزة، ورحّل 4 منهم، فى حين نُقل 8 إلى سجن «جفعون» بعد رفضهم التوقيع على أوامر الترحيل.
واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى مقال للصحفى الشهير توماس فريدمان، أن حكومة نتنياهو باتت تهدد مستقبل اليهود فى كل مكان حول العالم على خلفية استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وقال فريدمان فى مقاله إن الحرب فى غزة تعيد تعريف (إسرائيل) عالميّاً ويجب أن يدرك الإسرائيليون، ويهود الشتات، وأصدقاء دولة الاحتلال أن الطريقة التى تُدار بها الحرب فى غزة اليوم ترسم صورة جديدة لإسرائيل فى العالم.
وأضاف «هذه الصورة، للأسف، لا توحى بأى خير: ستصبح إسرائيل رمزاً للتهديد بدل أن تكون ملاذاً من معاداة السامية، وسيتحول اليهود إلى هدف متزايد للهجمات فى العالم، ليس بسبب دينهم فقط، بل بسبب تصرفات دولتهم على حد وصفه.
وأشار فريدمان إلى أن حكز الاحتلال التى كانت تُسوّق كملاذ لليهود من كراهية العالم، تتحوّل الآن – نتيجةهذه الحرب – إلى محرّكجديد لمعاداة السامية. وستصبح حماية الكنس أمراً روتينياً، وسيعيد يهود كثر التفكير فى الهجرة إليها، بل وربما يفكرون فى مغادرتها نحو أماكن أكثر استقراراً وأمناً مثل أمريكا أو أستراليا.
وقال «إنه لحسن الحظ، فإن عدداً متزايداً من طيارى سلاح الجو الإسرائيلى وضباط الأمن المتقاعدين، بدأوا فى رف أصواتهم ضد ما يرونه جنوناً أخلاقياً وسياسياً فى سياسة نتنياهو فى غزة. هؤلاء لم يعودوا قادرين على الصمت، ويدعون يهود أمريكا والعالم لإطلاق نداء: «أنقذوا سفينتنا قبل أن تغرق بالكامل».
وأشار إلى أنه قبل أشهر، كان بإمكان حكومة نتنياهو أن تعلن انتهاء المهمة العسكرية فى غزة وأن تبدأ انسحاباً تدريجياً لكنها اختارت العكس: حرب مفتوحة بلا نهاية، هدفها «نصر كامل» لا يتضح له تعريف سوى مزيد من الدماء.
وحذر «فريدمان» من أنه إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية فى هذه الحرب العبثية فى غزة، فإن النتيجة لن تكون النصر، بل نبذ عالمى لليهود، ونشوء واقع جديد: أن تكون يهودياً يعنى أن تحمل وزر جرائم حكومة متطرفة تمثلك رغماً عنك.
وشدد على أنه حين تُفتح أبواب غزة أمام الإعلام، وتظهر مشاهد الدمار، ستكون العواقب كارثية على صورة حكومة الاحتلال واليهود معاً.
وأوضح أن أمور متعلقة بهجوم 7 أكتوبر 2023 لا يمكن معها إطلاقاً التجاهل الكامل للاعتبارات الأخلاقية والإنسانية ولا يمكن لإسرائيل أن ترد على ما تصفه جريمة بارتكاب مجازر بحق المدنيين، لا سيما الأطفال، والصدمة لا تبرر الانتقام الأهوج.
وأبرز أنه بينما تقتل إسرائيل المئات من المدنيين الفلسطينيين فى غارات عشوائية، تحاول حكومة نتنياهو استكمال الانقلاب على الديمقراطية داخلياً، عبر إقالة النائب العام المستقل. إنها حكومة تتصرف بوحشية خارجية واستبداد داخلى. إن لم يوقفها الإسرائيليون أنفسهم، فسيدفع اليهود فى كل مكان ثمن ذلك.