بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الفداء في الإسلام.. خُلُق نبيل يتجدد بأبطاله

بطل العاشر من رمضان.. تضحية خالد تهزّ القلوب وتجمع كلمة علماء الأزهر

بطل العاشر من رمضان
بطل العاشر من رمضان

جاء عيد الأضحى هذا العام برسالته الخالدة عن الفداء والتضحية، متجسدًا في قصة حقيقية بطلها السائق الشجاع"خالد محمد شوقي"، الذي لم يُقدّم كبشًا فداءً، بل قدّم جسده وروحه لإنقاذ العشرات، فالإسلام لا ينظر إلى الفداء كمجرد بطولة لحظية، بل يراه خُلُقًا من صميم الإيمان، يقول الله تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: 9]، ويقول النبي ﷺ:"من قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون نفسه فهو شهيد"، في ضوء هذا، أجمعت المؤسسات الدينية على أن "خالد محمد شوقي" بطل بنزينة العاشرمن رمضان يُعد من "شهداء الحريق"، بحسب ما ورد في حديث النبي ﷺ:"الشهداء خمسة... والمبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والحريق".
 

مثال حي على الفداء والتضحية

في صباح الإثنين 8 يونيو 2025، ثالث أيام عيد الأضحى، أسدل البطل خالد محمد شوقي الستار على حياته، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد مشهد أسطوري من الفداء، حين اخترق النيران بجسده لإنقاذ الأرواح، عندما اندلعت ألسنة اللهب في شاحنة وقود داخل محطة بمدينة العاشر من رمضان، فهرب الجميع مذعورين بحثًا عن النجاة، بينما اختار خالد أن يركض صوب الخطر .

حيث دخل خالد النيران بجسده، ليُبعد الشاحنة المشتعلة عن خزانات الوقود والتجمعات السكنية، مانعًا بذلك كارثة محققة كادت تلتهم أرواح المئات، أصيب بحروق شديدة، ورحل بعدها بساعات، شهيدًا للوطن والإنسانية، ولما كان عيد الأضحى وأضحيته رمزًا إيمانيًا للفداء في الإسلام، جاء السائق الشجاع ثالث أيام العيد ليكون المثال الحي المعاصر على الفداء والتضحية ليخبرنا أن زمن الأبطال والتضحيات لم ينتهي بعد.

 

بالفداء يتجلى الإيمان

قال مفتي الجمهورية نظير عياد، يُعد ما قام به الشهيد خالد تجسيدًا حيًا لقيم الفداء والإيثار، وهما من أخلاق المؤمنين التي وصفها الله وخلّدها النبي ﷺ، فوصف من مات دفاعًا عن النفس والأرض بأنه شهيد.

مفتي الجمهورية نظير عياد
مفتي الجمهورية نظير عياد

وقد أكد مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد  أن ما فعله ليس "موقفًا عابرًا"، بل شهادة ناطقة بأصالة المعدن وطيب الأصل، "هكذا حال المؤمن إذا وقر اليقين في قلبه".
شدد عياد على أن  الشهيد خالد جسّد أسمى معاني الفداء والإيثار، بعدما أبى أن يقف موقف المتفرج أمام خطر محدق، فهبّ بجسده ليمنع كارثة وشيكة، إذ سارع لإزاحة شاحنة وقود اشتعلت بها النيران داخل محطة وقود، لينقذ بأفعاله البطولية أرواح العشرات من أبناء المنطقة وزملائه ومن كان حوله من المواطنين.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن ما قام به هذا الشاب النبيل لم يكن موقفًا عابرًا، بل شهادة حية على طيب معدنه، وصدق انتمائه، وإيمانه العميق بحقوق وطنه وأهله، "فهكذا يكون المؤمن إذا وقر اليقين في قلبه، وتغلغل الإخلاص في ضميره، فيأبى إلا أن يكون حيث يُنتظر الرجال".

وتوجه فضيلته بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد ومحبيه، داعيًا الله عز وجل أن يتقبله في الشهداء، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، ويجعل ما قدّمه من تضحية شفيعًا له ومصدر إلهام لكل غيور على هذا الوطن.


صدى التضحية في المؤسسات الدينية والرسمية

أعرب فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر عن خالص تعازيه وصادق مواساته لأسرة البطل، مؤكدًا أن والدهم «شهيد الوطن» ضرب أروع الأمثلة في التضحية، وقدّم درسًا عمليًّا في الشجاعة والفداء.

وأشار فضيلته إلى أن هذه النماذج البطولية ينبغي أن تُخلَّد في ذاكرة الوطن، مشددًا على أن أبواب الأزهر الشريف مفتوحة لهم في كل وقت، كما وجَّه فضيلته قيادات الأزهر بالتواصل مع الأسرة والعمل على تلبية احتياجاتهم في أقرب وقت.

 

 الإمام الأكبر أحمد الطيب
 الإمام الأكبر أحمد الطيب

ومن جانبة قال الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية ووزير الأوقاف، إن البطل خالد محمد شوقي قدّم نموذجًا فريدًا في الشجاعة والفداء، بعدما هبّ دون تردد لإنقاذ منطقة بأكملها من كارثة محققة في مدينة العاشر من رمضان، عندما اندلعت النيران في شاحنة وقود داخل محطة تزويد، فسارع إلى إبعادها بجسده وروحه، مضحيًا بنفسه لحماية الأرواح والممتلكات.

وأكد وزير الأوقاف أن الوزارة تحتسب هذا البطل في عداد الشهداء، استنادًا إلى ما ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: "الذي يموت حرقًا فهو شهيد".

وأضاف: "ننعى فقيد الوطن بكل فخر، ونتوجه بخالص العزاء والمواساة إلى أسرته الكريمة، والتي نعتبرها اليوم أسرة كل مصري ومصرية، وكل من يحمل في قلبه معنى للفداء والنبل والشهامة".

وأشار الوزير إلى أنه قد كلّف أحد وكلاء الوزارة ووفدًا من أئمتها بتقديم واجب العزاء الرسمي نيابة عنه، تقديرًا لما بذله الفقيد من تضحية صادقة، وجُهد مشهود، سيبقى في ذاكرة الوطن.

واختتم الوزير تصريحه بالدعاء أن يتغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وينزله منازل الشهداء، ويجعل مما قدّمه شفيعًا له يوم القيامة، ومصدر إلهام دائم لكل مصري يعتز بوطنه ويخلص له.
 

 الدكتور أسامة الأزهري
 الدكتور أسامة الأزهري

وفي ذات السياق قال الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب السابق: "تكريما للبطل الشهيد خالد عبد العال شهيد العاشر من رمضان، الذي أنقذ المدينة وضحي بحياته لينقذ الأرواح تقرر إطلاق اسمه علي وحدة طوارىء القلب في جرين هارت بمدينة بروسيا الطبية بالعاشر من رمضان، ليصبح اسمها وحدة الشهيد خالد عبد العال والتي يتم  فيها بإذن الله إنقاذ الأرواح يا رب تقبله شهيدا".

 الدكتور جمال شعبان
 الدكتور جمال شعبان

وهكذا، لم تكن أضحية ثالث أيام العيد هذا العام خروفًا يُساق إلى الذبح، بل كانت رجلًا اختار أن يُقدّم نفسه فداءً للناس، بجسدٍ احترق ليُضيء طريق النجاة لغيره، وفي زمن كثرت فيه الأنانية، أعاد خالد محمد شوقي للذاكرة دروس الفداء الحقيقي، وجسّد بلحمه ودمه معنى "الإيثار" الذي تغنّى به القرآن، وروّج له النبي ﷺ، وكأن الله شاء أن يُخلَّد اسمه في سجلّ الشهداء ليبقى شاهدًا أن البطولة لا تموت، وأن الفداء ما زال يعيش بيننا في صمت النبلاء.