بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لإنقاذها من الهدم.. هيبة يقدم رؤية لتحويل تراث مصر لمقرات استثمارية تحافظ على الهوية 

الدكتور خالد هيبة
الدكتور خالد هيبة أستاذ العمارة بجامعة الأزهر

في ظل استمرار تآكل التراث المعماري المصري منذ عقود، حيث تختفي مباني تاريخية فريدة لتحل محلها أبراج سكنية حديثة، يطفو على السطح مقترحٌ طموح قد ينقذ ما تبقى من هوية البلاد الثقافية.  

يقدم الدكتور خالد هيبة، أستاذ العمارة بجامعة الأزهر وعضو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، حلاً مبتكراً يستبدل هدم التراث بتحويله إلى أصول اقتصادية. تقوم الفكرة على تدخل وزارة الاستثمار لطرح هذه المباني أمام شركات دولية تبحث عن مقرات فريدة تعزز صورتها المؤسسية، مما يحولها إلى مراكز عمل راقية أو فنادق بوتيك تدر عائداً مالياً.  

وأشار هيبة إلى أن آلية التنفيذ ستلزم المستثمرين - عبر عقود واضحة - بالحفاظ على الطابع الأصلي للمباني وصيانتها، مما يحقق أربعة أهداف متكاملة: وقف عمليات الهدم الفوري، وجذب استثمارات أجنبية تنشط الاقتصاد، وإعادة الحياة الجمالية للشوارع التاريخية، وتخفيف الأعباء المالية عن الدولة في الترميم.  

رغم جاذبية الحل، أقر هيبة بتحديات جوهرية تتطلب حلاً، أبرزها إقناع المستثمرين بجدوى تشغيل المبان القديمة مقارنة بالإنشاء الجديد، وضمان وجود آليات رقابية صارمة تمنع التشويه المعماري.  

وقد شهدت الإسكندرية مذبحة مستمرة لهدم الفيلات والمباني التراثية، منها فيلا "راقودة" التي كان يسكنها المخرج يوسف شاهين، ومقهى "نيو كريستال" الذي كان ملتقى ثقافي هام، بالإضافة إلى عشرات المباني التي هدمت رغم تسجيلها في مجلد التراث، بسبب ثغرات قانونية أو أحكام قضائية، حيث خلال الفترة من 2007 إلى 2014 فقط تم هدم 36 مبنى تراثيا في العديد من المناطق ذات التراث التاريخي التي تزخر بها الإسكندرية التي يوجد بها نحو 1135 مبنى، تشمل 1109 مبانٍ ذات طراز معماري مميز، و10 مبانٍ مرتبطة بشخصية تاريخية، و8 تمثل مزارا سياحيا، و6 مرتبطة بالتاريخ القومي، ومبنيين يمثلان حقبة تاريخية.

على صعيد أوسع، كشف هيبة في ورقة بحثية في يوم الاحتفال بالتراث العربي بالجامعة العربية،عن مفارقة صارخة ، موضحا المنطقة العربية التي تمتلك إرثاً ثقافياً غنياً لا تضم سوى 94 موقعاً مسجلاً في قائمة اليونسكو (7.7% من الإجمالي العالمي)، بينما توجد 219 موقعاً عربياً على القائمة المؤقتة.  

حددت الورقة معوقات رئيسية تواجه التراث العربي، تشمل ضعف الوعي المجتمعي بأهمية التسجيل الدولي، وغياب السياسات الفعالة للحفظ، ونقص التمويل والخبرات التقنية. كمثال ناجح، أشار إلى موقع "أبو مينا" المصري الذي تعرض للخطر عام 2001 بسبب المياه الجوفية، لتبدأ مصر بالتعاون مع اليونسكو مشاريع ترميم مكثفة، مع توقع إعادة تقييم وضعه عام 2025.  

وأكد هيبة على ضرورة تنمية الوعي المجتمعي بالتراث كذاكرة وطنية، وتسجيل المواقع المؤهلة في اليونسكو، وتعزيز العمل العربي المشترك عبر الدعم المالي والفني لتنفيذ مشروعات مستدامة للمواقع المرشحة.  

رغم التشريعات والقوانين الا أن مجازر المباني التراثية مستمرة ، حيث صدر القانون رقم 144 لسنة 2006 لتنظيم أعمال هدم المباني غير الآيلة للسقوط، مع تشكيل لجان تسجيل في المحافظات لتحديد المباني ذات الطابع المعماري المتميز وحمايتها تصنيف المباني التراثية: المباني تصنف إلى 3 مستويات (أ، ب، ج) حسب حالة المبنى ومدى إمكانية التعديل عليه، مع اشتراطات صارمة للحفاظ على الواجهات الخارجية

فيما شهدت القاهرة ومصر القديمة، عمليات هدم مستمرة، مما أدى إلى تدمير معالم تراثية هامة تهديد الذاكرة الثقافية، ومع تهاوى شواهد العمارة التاريخية في شوارع القاهرة والإسكندرية، يظل السؤال عالقاً: هل تتبنى الحكومة هذا المقترح الذي يحول التراث من عبء إلى ذهب؟