بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مهاجرون وعسكر ومعركة من أجل أمريكا

«الجارديان» و«نيويورك تايمز» تحذران من عسكرة الحياة المدنية.. لوس أنجلوس نموذج لمستقبل مرعب

بوابة الوفد الإلكترونية

أطلق دونالد ترامب مواجهة سياسية حادة مع ولاية كاليفورنيا بعدما تجاوز سلطات الحاكم الديمقراطى جافين نيوسوم، وأمر بنشر ما لا يقل عن ألفى جندى من الحرس الوطنى فى منطقة لوس أنجلوس بهدف قمع الاحتجاجات التى اندلعت عقب مداهمات نفذتها إدارة الهجرة الفيدرالية ضد مهاجرين غير مسجلين.

تحرك ترامب رغم عدم طلب السلطات المحلية أى دعم فدرالى وقدم قراره كجزء من معركة كبرى تهدف إلى إنقاذ البلاد مما وصفه بـغزو المهاجرين، إذ كتب على وسائل التواصل الاجتماعى أن لوس أنجلوس تتعرض للاجتياح من قبل عصابات عنيفة وأمر كبار المسئولين باتخاذ أى خطوات ضرورية لتحرير المدينة.

التحرك جاء بالتزامن مع تصاعد المظاهرات التى اشتعلت مجددًا بعد تدخل عناصر الهجرة الفيدرالية فى أحياء تضم مصانع ملابس ومحلات تجارية، حيث جرت اعتقالات جماعية دون أوامر قضائية وفقًا للاتحاد الأمريكى للحريات المدنية الذى أشار إلى احتجاز أكثر من مائتى شخص فى مراكز مغلقة وفصل الأطفال عن ذويهم ومنع المحامين من التواصل مع المحتجزين.

تجنب ترامب تأكيد ما إذا كان سيفعل قانون التمرد لعام 1807 الذى يتيح استخدام القوات الفيدرالية لقمع الاضطرابات المدنية، لكنه أشار إلى إمكانية نشر قوات فى كل مكان وسط صمت جزئى من المؤسسات الديمقراطية التى اكتفت بالتحذير من تصعيد غير مسبوق.

من جانبه وصف ستيفن ميلر نائب رئيس موظفى البيت الأبيض الموقف بأنه معركة لإنقاذ الحضارة، فيما اعتبرت أبيغيل جاكسون المتحدثة باسم البيت الأبيض أن المؤسسات التى يديرها الديمقراطيون فشلت فى حماية الأمريكيين، وأن تدخل الرئيس ضرورى لحفظ الأمن العام.

أعادت نيويورك تايمز التذكير بأن ترامب ليس أول من ينشر الحرس الوطنى دون طلب من الولاية إذ فعلها ليندون جونسون فى 1965 لحماية المتظاهرين من أجل الحقوق المدنية فى ألاباما، لكن دوافع ترامب تبدو مختلفة، إذ يسعى من خلال هذه المواجهة إلى تعزيز صورته فى أوساط ناخبيه من خلال تسويق خطابه المناهض للهجرة وتقديم نفسه كحامٍ للحدود.

ودافع نيوت جينجريتش حليف ترامب ورئيس مجلس النواب السابق قائلاً إن ما يجرى يؤكد صحة موقف ترامب من البداية، فالقضية بنظره تتلخص فى إنفاذ القانون مقابل الدفاع عن مهاجرين غير شرعيين وهو الطرح الذى روّج له الجمهوريون منذ حملة 2015.

ووصف ترمب المتظاهرين بأنهم معتدون على قوات الأمن رغم غياب أدلة مؤكدة على ذلك، وقال للصحفيين إنه لن يسمح لأحد بالبصق على الجنود أو ضرب الشرطة، بينما أكدت لقطات الفيديو أن غالبية المظاهرات كانت سلمية لكن أنصار ترامب ركزوا عبر المنصات الرقمية على مشاهد العنف والعلم المكسيكى الذى رفعه بعض المتظاهرين لتأكيد فكرة الغزو الأجنبي.

كارولين ليفيت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض اتهمت المهاجرين غير الشرعيين بارتكاب أعمال شغب وحرق ومهاجمة مركبات الأمن، فيما قالت أنيتا تشابريا الكاتبة فى لوس أنجلوس تايمز إن صورة ديفيد هويرتا زعيم النقابة الذى دفع أرضًا خلال اعتقاله أشعلت غضب آلاف العمال المنظمين معتبرة أن ساحات المعركة السياسية تعاد صياغتها من جديد.

ولكن قال جافين نيوسوم الحاكم الديمقراطى لولاية كاليفورنيا إن تصرفات ترامب متوقعة ومدفوعة بهدف تدمير كاليفورنيا سياسيًا، وقال إن الإدارة الفيدرالية تحاول افتعال أزمات لتحقيق مكاسب انتخابية على حساب استقرار الولاية.

واتهم السيناتور أليكس باديلا من كاليفورنيا ترامب بنشر معلومات مضللة وخلق أزمة مفتعلة وبتنفيذ أجندة متطرفة من خلال مداهمات قاسية وعنيفة تستهدف المجتمع المهاجر الذى يعرف طبيعة الخطر ويخرج دفاعًا عن القيم الأساسية والحقوق الدستورية.

فى المقابل دافع الجمهوريون عن الخطوات الفيدرالية، إذ قال النائب كيفن كيلى إن ما يحدث نتيجة سياسات الديمقراطيين الذين شجعوا على الفوضى وأضعفوا تطبيق القانون الحدودي.

توعدت إدارة ترامب بتصعيد أكبر إذا استمرت المعارضة، حيث قال توم هومان المسئول عن ملف الحدود فى البيت الأبيض إنهم سيتعاملون بحزم مع أى تدخل بما فى ذلك اعتقال مسئولين حكوميين يعرقلون عمل فرق إنفاذ قوانين الهجرة، وأكد أن الحملة ستستمر فى كل الولايات والمدن الآمنة.

فى السياق وصفت صحيفة الجارديان التصعيد الأخير بأنه حلقة جديدة من استراتيجية ترامب فى ولايته الثانية التى بدأها بسلسلة إجراءات متطرفة ضد المهاجرين شملت احتجاز أطفال وفصل عائلات وإعادة طالبى لجوء إلى سجن فى السلفادور.

الصحيفة أكدت أن الإدارة تسعى لإغراق المدن الديمقراطية الفاعلة بأجواء من الرعب والعنف السياسى ضمن سياسة منظمة تستهدف تدمير ما تصفه بقلاع اليسار فى أمريكا وأن ترامب يستخدم نفس الأدوات ضد الجامعات والمؤسسات القضائية والنقابات التى يعتبرها خصومًا.

احتجاجات مشابهة اندلعت فى مدن مثل نيوارك وناشفيل وسان دييجو، حيث واجه سكان الأحياء مداهمات مطاعم ومتاجر وصالات رياضية وعبروا عن رفضهم لما وصفوه بهجمات موجهة ضد الأصدقاء والجيران والمجتمع بأكمله.

وقالت ماكسين ووترز عضوة الكونجرس الديمقراطية إن الحشود يجب أن تتضاعف حتى يتراجع ترامب عن مساره، مؤكدة أن صمت المؤسسات لم يعد مقبولًا أمام حالة الطوارئ الإنسانية المتصاعدة.

وفيما تعيش لوس أنجلوس تحت وطأة عسكرة غير مسبوقة يخشى الكثيرون أن يكون ما يحدث نموذجًا مصغرًا لما قد يشهده البلد بأكمله إذا استمر نهج التصعيد الفيدرالى فى مواجهة مدن الداخل الأمريكى المعارضة لسياسات ترامب.