دمياط تستغيث بعد عقر طفلة.. كلاب الشوارع تخرج عن السيطرة

في ظهيرة يوم مشمس بمدينة دمياط الجديدة، تصادف وجود "نيلي كريم الجزار" الطفلة ذات العشر سنوات بالقرب من جامعة حورس، لم تكن تعلم أن هذه الدقائق القليلة ستحمل لها أسوأ كوابيس طفولتها.
وسط خطواتها الصغيرة التي تلامس الرصيف، ظهر شبح الخطر فجأة، حيث ظهرت مجموعة من الكلاب الضالة التي باغتتها من حيث لا تدري وحاولت الطفلة الصغيرة الفرار، لكن أنيابهم كانت أسرع في الوصول إليها، صرخت "نيلي" بأعلى صوتها، لكن المدينة كانت صامتة، وكأن الرعب خنق صوت الاستغاثة.
مرت ثوانٍ كأنها دهور، بينما بدأت الكلاب تنهش جسدها النحيل، فمزقته من كل جانب، لحسن حظها، تصادف وجود بعض المارة الذين هرعوا لنجدتها، وتمكنوا من إبعاد الكلاب بصعوبة، وحملوها على عجل إلى قسم استقبال الطوارئ بمستشفى طب الأزهر بدمياط الجديدة، حيث استقبلها الأطباء بملامح مذهولة من هول الإصابات.
الجروح كانت عميقة، وآثار العقر غطّت مناطق متفرقة من جسدها الصغير، ووالدتها وصلت في دقائق، تصرخ وتبكي، لا تصدق ما حدث لابنتها التي كانت تضحك في صباح اليوم نفسه.

انتشر مقطع فيديو يوثق لحظة الحادث كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، تبعه مقطع آخر لسيدة مسنّة كانت ضحية لهجوم مشابه في أحد شوارع المدينة الخالية من المارة، ظهرت في الفيديو تتعثر تحت وقع أنياب الكلاب التي التفّت حولها كقطيع مفترس، قبل أن يتدخل الأهالي وينقذوها بأعجوبة.

وروى شاهد عيان تفاصيل الواقعة قائلًا: "السيدة كانت ماشية لوحدها، والشارع كان فاضي تمامًا، وفجأة الكلاب اتجمعت حواليها وبدأت تنبح وتهاجمها.. هي وقعت على الأرض وفضلوا يجروها من هدومها لحد ما الناس لحقت تنقذها".

لم تكن هذه الحوادث فردية، بل جزء من سلسلة وقائع متكررة أرعبت سكان المدينة، خصوصًا بعد أن تعرض طفل يبلغ من العمر خمس سنوات ووالدته لهجوم مماثل من كلب ضال ليلاً، أثناء سيرهما في أحد شوارع الحي، مما أدى إلى إصابتهما بجروح في الوجه واليد.


ورغم تكرار تلك الحوادث، يقف الأهالي عاجزين عن مواجهة الكلاب الضالة، خوفًا من العقوبات القانونية. ويقول المحامي محمد يحيى إن المادة 357 من قانون العقوبات تعاقب كل من يقتل أو يسمم حيوانًا مستأنسًا بالحبس حتى 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه، لكنه أشار إلى أن القانون يجيز البراءة إذا ثبت أن الكلب كان مسعورًا ويشكل خطرًا حقيقيًا.
على الجانب الآخر، دافعت الناشطة في حقوق الحيوان، الدكتورة دينا ذو الفقار، عن الكلاب قائلة: "العنف تجاه الكلاب هو السبب في عدوانها.. للأسف، لا يوجد أي توعية في الإعلام عن كيفية التعامل مع كلاب الشوارع، وكل ما يحدث الآن هو نتيجة قلة الثقافة وغياب برامج الرفق بالحيوان".
وتابعت ذو الفقار: "الكلب المستأنس لا يهاجم الإنسان من نفسه، لكن لما بيلاقي عنف وضرب، بيضطر يدافع عن نفسه. الأطفال مش متعلمين يتعاملوا إزاي مع الكلاب، والنتيجة اللي بنشوفها دي كلها من التربية الغلط والخوف غير المبرر".