بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

 تضاعف صادرات الصين أشعل غضبها

إهتمام أمريكى غير مسبوق بصناعة  الصلب و"ترامب" يعتبرها المخرج للنمو الإقتصادى

امريكا تحولت من أكبرمنتج
امريكا تحولت من أكبرمنتج الي واحده من أهم المستوردين

 

 إذا تعمقت بالنظر فى الإقتصاد الأمريكى مؤخرا وبالتحديد منذ أن تولت إدارة الرئيس الامريكى الحالى دونالد ترامب مقاليد الحكم ستجد الإقتصاد الأمريكى المتنوع يعول كثيراَ على صناعة الصلب ،وترى  الرئيس  الأمريكى  يؤكد أن  صناعة الصلب ستقود الإقتصاد الأمريكى للنمو وهو التصريح الذى أدلى به  بعد صفقة الشراكه الإستيراتيجية بين شركة "نيبون "اليابانية للصلب ،وشركة "يو إس استيل  الأمريكية للصلب، ومعنى ذلك أن صناعة الصلب هى الصناعة الأولى بالرعاية والإهتمام والدعم الحكومى الكامل لأنها الصناعه التى تجر ورائها أكثر من 20 صناعة أخرى ،أما لماذا تهتم الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة الصلب فهو ما سنكشف عنه فى السطور القادمة ..

 

كيف تحولت أمريكا من أكبر منتج للصلب إلى أكبر مستورد ؟

مع بدايات القرقن التاسع عشر بزغت صناعة الصلب الأمريكية  واصبح لدى الامريكان أكثر من 100 مصنع يقوم بإنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ يعمل بها نحو 400 الف عامل وموظف ومهندس ،وكانت أمريكا تعتمد فى ذلك الوقت على رواسب خام الحديد التى يتم إستخراجها من بحيرة سوبيرويور ،والفحم من  ولاية بنسلفانيا ..فى عام 1880 كان الإنتاج الأمريكى من الصلب لا يتجاوز 1.2 مليون طن سنوياَ  ،وتطور الإنتاج  بعد ذلك لأكثر من 10 ملايين طن ،ثم إلى 24 مليون طن بحلول عام 1990  وأصبحت الولايات المتحده الأمريكية اكبر منتج للصلب فى العالم متجاوزه كل دول العالم ،وساهم هذا التقدم المذهل فى صناعة الصلب الامريكية فى تعزيز نمو الإقتصاد  الأمريكى ،وأنشات من خلال الصلب العديد والعديد من الجسور والمنشآت الضخمه والمصانع والعديد من المشروعات العملاقة  خاصة بعد أن وصل حجم الإنتاج عام 1969 لاكثر من 141 مليون طن ..بعد الحرب العالمية الثانية كان الطلب على الصلب اكثر من اى وقت مضى ،وبدأت أوروبا ودول أسيوية كثيره  تنتبه إلى التفوق الحاد فى الصلب الامريكى  ولهذا سارعت بإعادة بناء صناعتها والإهتمام بصناعة الصلب هى الأخرى ،ولكن الإهتمام الاوروبى والأسيوى بصناعة الصلب كان مختلفا عن امريكا حيث إستخدمت أعلى التكنولوجيا ،وقامت ببناء افران الأكسجين الحديثه مع إختراع آلة الصب المستمر  مع الكفاءه فى إستخدام الطاقه  وكان ذلك فى الوقت الذى بدأ فيه الإنتاج الامريكى فى الإنخفاض التدريجى لدرجة أن  حصة امريكا من السوق العالمى  أصبحت لا تتجاوز 6 % مع نهايات القرن العشرين  ،ثم إنخفضت حصتها بعد ذلك إلى أقل من هذه النسبه بكثير ،وبدأت الولايات المتحده الأمريكية فى إستيراد الصلب بكميات هائلة وضعتها فى مصاف أكبر الدول المستوردة للصلب وهذا التحول السريع والمذهل وصفه الإقتصاديون بأنه دلاله كبيرة على تطور الإقتصاد العالمى ،ووصفت إحدى الدراسات المتخصصة  بأن السنوات القادمه تعد سنوات حاسمه فى قطاع الصلب !

 

صناعة الصلب الامريكيةفى القرن التاسع عشر أثرت بالإيجاب على الإقتصاد الامريكى
صناعة الصلب الامريكيةفى القرن التاسع عشر أثرت بالإيجاب على الإقتصاد الامريكى

تحتل أمريكا الآن المرتبه الرابعه على مستوى العالم فى إنتاج الصلب بعد دول الصين والهند واليابان ،حيث تنتج بكين نحو 54 % من إجمالى الإنتاج العالمى ويتجاوز إنتاجها نحو المليار طن سنوياَ ،وتنتج الهند أكثر من 125 مليون طن بحصة من حجم السوق العالمى تتخطى حالياً 7 % ،أما اليابان فتنتج نحو 90 مليون طن سنوياَ بحصة من السوق العالمى تصل الى 5 % ،وتحل أمريكا  فى المركز الرابع برصيد إنتاج وصل لأكثر من 85 مليون طن  بنسبة تقترب من 5 % من حجم السوق العالمى الذى يصل فيه الإنتاج السنوى لأكثر من مليار و900 مليون طن ،وهذا الإنتاج المرعب الذى تنتجه دولة الصين  مع التفوق الكاسح لها  فى الصناعه والإنتاج والتصدير لكل أسواق العالم هو ما يثير حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية !

سياسات "ترامب" تصب فى صالح صناعة الصلب الامريكية

تعد إدارة الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب من الإدارات المتشددة جدا  فى إتخاز القرارات  الحاسمه التى تهدف فى المقام الأول إلى حماية صناعة الصلب الامريكية من خطر الإغراق القادم من بكين ،بالإضافة إلى الممارسات التجارية التى يراها الأمريكان غير عادلة  ،فقد سبق لإدارة ترامب أن إتخذت قرارات متشددة ضد البضائع الصينية التى تدخل الأراضى الامريكية وفرض عليها رسوم جمركية نسبتها 145 % وهى أعلى رسوم جمركية يتم فرضها على دوله بعينها  على مدار عمر الولايات المتحدة الامريكية  والسبب فى ذلك هو التفوق الكاسح للصين فى إنتاج الصلب  كما ذكرنا وبيع كميات هائله منه فى الأسواق الأمريكية ،وردت بكين   على واشنطن بفرض رسوم جمركية مماثله على البضائع الامريكية التى تدخل الأسواق الصينية وصلت نسبتها إلى 125 % ، بعد  ذلك تراجعت امريكا وأجرت مفاوضات مع بكين للإتفاق بشأن تخفيض الرسوم لدرجة أن وزير الخزانه الأمريكية سكوت بيسنت دعا بكين إلى الإرتباط الإقتصادى بينها وبين واشنطن ، وترتب على المفاوضات بين الطرفين أن قامت واشنطن بتخفيض الرسوم الجمركية على الصين من 145 % إلى 30 % ،وردت الصين بتخيفض الرسوم الجمريكة على واشنطن من 125 إلى 10 %  وكانت المفاوضات بين الجانبين كانت قد تمت فى العاصمه السويسرية جينيف مقر منظمة التجارة العالمية .وأخيرا  قام الرئيس الأمريكى ترامب   بفرض رسوم جمركية نسبتها 50 % على الواردات من دول الإتحاد  الاوروبى و غيرها  وهو ما قد يشعل الحرب التجارية بين الولايات  المتحدة الأمريكية وغيرها من الشركاء التجاريين وعلى رأسهم الصين رغم السلام التجارى السلمى الظاهرى -إن جاز التعبير -الذى تم مؤخرا بين البلدين ،أما أهم قرارات  الرئيس الامريكى دونالد ترامب هى  الموافقة على الشراكه الإقتصادية الضخمه بين إثنين من عمالقة إنتاج الصلب فى اليابان ،والولايات المتحدة الامريكية وهما شركتى ،نيبون استيل  اليابانية ،ويو إس استيل  الأمرييكة التى يقع مقرها فى مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا  والتى كانت تسمى  فى وقت سابق بمدينة الصلب  ،وصرح  الرئيس الامريكى أن  الصفقة ستنعش  الإقتصاد الأمريكى بما لا يقل عن 14 مليار دولار مع توفير مالايقل عن 70 ألف فرصة عمل للشباب الأمريكى و سيتم الإبقاء على مقر شركة يو إس استيل  فى مكانها الرئيسى وهو مدينة بيستبرج  بولاية بنسلفانيا ،و مؤخرا  فرضت الولايات المتحدة الأمريكية رسوم إغراق على واردتها  من مواسير الصلب  القادمة من ثلاث دول هى ،فيتنام ،تايلاند ،ماليزيا  ، كل هذه التفاصيل والاحداث تؤكد على أن صناعة الصلب الأمريكية تمثل الصناعة الأكثر الأهمية لما لها من تأثير بالغ على نمو الإقتصاد الامريكى ،ويرى الرئيس الامريكى  نفسه ان صناعة الصلب تمثل جزءَ حيوياَ من الإقتصاد الأمريكى مؤكداَ كما جاء فى تقرير أمريكى بعنوان “التأثير الإقتصادى لصناعة الحديد والصلب الأمريكية " أن صناعة الصلب  ساهمت بأكثر من 520 مليار دولار من الناتج الإقتصادى الأمريكى ،ووفرت ما يقرب من مليونى وظيفه عام 2017 ،كما أن لهذه الصناعة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة  على الموردين ،وأن العمال  كسبوا من ورائها أكثر من 130 مليار دولار نتيجة الأجور والمزايا والحوافز التى يحصلون عليها ،بالإضافة إلى عائدات  الضرائب الفيدرالية منها والتى تتخطى 56 مليار دولار  .

المعهد الأمريكى للصلب يرحب برسوم ترامب

دفعت قرارات ترامب التى تهدف فى المقام الاول إلى حماية صناعة الصلب الامريكية بالرجة الأولى إلى قيام  كيفن ديمبسى رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى للمعهد الأمريكى للصلب إلى الإشادة بقرارات الرئيس الأمريكى مؤكداَ أن فائض إنتاج الصلب العالمى فى حالة زيادة ونمو مع تأثر شديد فى حجم الطلب العالمى الذى اصبح يتصف بالتباطؤ الحاد خاصة مع تراجع معدلات البناء فى الصين مما ضاعف صادرات الصلب الصينية إلى كل دول العالم بأكثر من الضعف من عام 2020 لتصل إلى 118 مليون طن عام 2024 ،أى اكثر من  إجمالى إنتاج الصلب  فى امريكا الشمالية . وأكد مدير معهد الصلب الأمريكى أن قرارات ترامب ستمنع أى زيادة فى الواردات من شأنها الإضرار بمنتجى الصلب الأمريكان وعمال المصانع لديهم ..خلاصة القول ،صناعة الصلب هى الصناعة الاولى  والمحورية التى تقود النمو  الإقتصادى فى كافة بلدان العالم وإلا ما كانت دوله بحجم الولايات المتحدة الامريكية قد أعطتها كل هذا الإهتمام ..