بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

في مشهد إنساني مؤثر

«ولادة على الطريق».. سيدة سودانية تضع مولودتها داخل سيارة إسعاف مصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

في لحظة فارقة جمعت بين الإنسانية والأخوة، وضعت سيدة سودانية شابة مولودتها الأولى داخل سيارة إسعاف مصرية أثناء محاولة نقلها إلى المستشفى، في مشهد إنساني يعكس عمق الروابط التي تجمع بين الشعبين المصري والسوداني، ويجسد ملامح الشهامة والمروءة في أبهى صورها.

 

الحكاية بدأت في إحدى المزارع الواقعة بنطاق مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، حيث تقيم أسرة سودانية بسيطة فرت من ويلات الحرب وأهوال النزوح في وطنها، لتجد في مصر الملاذ الآمن والوجه الحنون الذي لم يخيب رجاءه، وبينما كانت الزوجة، وهي شابة في العقد الثالث من العمر، تستعد لاستقبال مولودتها المرتقبة، باغتتها آلام الولادة بشكل مفاجئ، قبل أن تتمكن الأسرة من التوجه إلى المستشفى كما كان مخططًا.

 

صرخات الألم التي أطلقتها السيدة في أرجاء المزرعة لم تجد من يلبيها سوى زوجها الذي لم يتردد لحظة، فامتطى دراجته النارية متجهًا بأقصى سرعة بحثًا عن النجدة، ليصادف نقطة إسعاف "المصانع" القريبة، حيث كانت سيارة الإسعاف كود (1165) في وضع استعداد.

 

دون مقدمات، طرق الزوج باب النقطة بقوة وهو يلهث من شدة القلق، ليفتح له المسعف «وحيد عبد المنعم محمد»، يرافقه فني القيادة «حسن محمد حسن»، وقد أدركا من أول وهلة أن الأمر لا يحتمل التأخير، لم يسأله أحد عن هويته، أو عن أوراق إقامة، أو قدرة مالية، بل كانت الاستجابة فورية، حيث استقل المسعفان السيارة وتبعا الزوج إلى المزرعة.

 

وفور وصولهم إلى المكان، جرى تجهيز السيدة ونقلها على الفور إلى سيارة الإسعاف، لكن آلام المخاض كانت أسرع من كل الترتيبات، وبدأت علامات الولادة تظهر بوضوح، وهنا، لم يتردد المسعف «وحيد عبد المنعم» لحظة، فباشر التعامل مع الحالة بكل احترافية وإنسانية، مطمئنًا السيدة وموجهًا إياها خلال عملية الولادة، بينما كان زميله يتابع كل التفاصيل بدقة ويُهيّئ المكان للتعامل مع الوضع الطارئ.

 

وبالفعل، وداخل سيارة الإسعاف وعلى مرأى من زوجها المترقب، وضعت السيدة السودانية طفلتها الأولى، والتي وُلدت بصحة جيدة وبكاء يعانق الأمل، لم تتوقف الرعاية هنا، فقد قام المسعف بقطع الحبل السري وتجفيف الطفلة وتحفيزها على التنفس، ثم التأكد من استقرار العلامات الحيوية لكل من الأم والمولودة، وسط أجواء من الترقب والفرح امتزجت بالامتنان العميق.

 

إنها قصة من تلك القصص التي لا تحتاج إلى تزييف أو مبالغة، فهي شهادة حيّة على ما تقدمه مصر دومًا لأشقائها، ليس فقط من خدمات، بل من احتواء حقيقي وشعور أصيل بالمحبة والمصير المشترك، فبين مصر والسودان ليست فقط حدود جغرافية أو لغة واحدة، بل تاريخ طويل من الدم والنسب والتكافل والمواقف.

 

وتحت شعار "123 سنة إنسانية"، يستمر الإسعاف المصري في تقديم خدماته دون تفرقة أو شروط، مؤكدًا أن الإنسان في مصر لا يُسأل عن جنسيته في لحظة احتياج، بل يُعامل بكرامة تليق بالإنسان، خاصة إذا كان من وطن شقيق تربطنا به أواصر لا تنفصم.

 

صرخة الطفلة السودانية الأولى كانت في حضن مصري، ودفء أول أنفاسها كان في سيارة إسعاف مصرية يقودها رجال أدركوا أن النداء الإنساني لا يُرد. مشهد لن يُمحى من ذاكرة الأسرة السودانية التي ستروي لابنتها ذات يوم أن ميلادها كان في أرض احتضنتهم كما يحتضن الشقيق شقيقه في المحنة.