"المرأة العربية في العلوم".. منصة رقمية لسد الفجوة النوعية وإطلاق طاقات البحث العلمي
في خطوة طال انتظارها لتحدي الفجوة النوعية المستمرة في حقول المعرفة، وتحديداً في العلوم الاجتماعية والإنسانية حيث يظل تمثيل المرأة العربية دون المستوى المأمول، شهدت القاهرة حدثاً محورياً يعكس التزاماً دولياً وإقليمياً متجدداً بتمكين نصف المجتمع، حيث أطلقت منظمة اليونسكو، بالشراكة الاستراتيجية مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، منصة "المرأة العربية في العلوم".
هذه المبادرة الرقمية الرائدة، الأولى من نوعها في المنطقة، ليست مجرد واجهة إلكترونية، بل هي بيئة متكاملة مصممة بشراكة فعلية مع العالمات العربيات أنفسهن، تهدف إلى تفكيك العوائق أمام مشاركتهن الفاعلة، وفتح آفاق غير مسبوقة للتنقل الأكاديمي والتعاون البحثي عبر الحدود والتخصصات.
يأتي الإطلاق في وقت حاسم، ليعزز مسار التغيير نحو مستقبل علمي عربي أكثر شمولاً وعدالة، حيث تُستثمر الطاقات النسائية الكامنة كرافد أساسي للتنمية المستدامة والريادة المعرفية في المنطقة.
جاء الإطلاق الرسمي للمنصة الرقمية المتخصصة، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، خلال ورشة عمل تفاعلية حضرتها كوكبة من العالمات والباحثات والطالبات الواعدات، إلى جانب ممثلي المؤسسات العلمية والبحثية المعنية. وتمثل المنصة، التي صُممت بمشاركة فاعلة من نساء علماء من مختلف الدول العربية، استجابة طموحة لتحديات رئيسية، أبرزها تعزيز المشاركة الفعالة للمرأة العربية في المشهد العلمي، وتحسين فرص التنقل الأكاديمي والمهني، وتعميق أواصر التعاون البحثي عبر الحدود والتخصصات المتنوعة. مع تركيز خاص على دعم حضور المرأة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، التي تشهد تقليدياً فجوة تمثيلية ملحوظة.
خلال الورشة التفاعلية، أتيح للمشاركين استكشاف الخدمات والموارد الغنية التي توفرها المنصة، والتي تشمل:
برامج الإرشاد العلمي المشترك لربط الخبيرات بالباحثات الشابات، وبوابة للفرص المهنية والوظيفية والبحثية المتاحة في المنطقة والعالم ، وموارد متخصصة لبناء القدرات وتطوير المهارات البحثية والإدارية، بالإضافة إلي مجتمع افتراضي حيوي لتبادل المعرفة والخبرات ونقل التكنولوجيا بين العلمات العربيات، وأيضًا برنامج "سفراء العلوم" لدعم التواصل ونقل الخبرات.
لم تقتصر الفعالية على العرض التقديمي، بل شهدت جلسات تفاعلية مكثفة، حيث قدم الحضور من علماء وطالبات وممثلي مؤسسات ملاحظاتهم القيمة ومقترحاتهم البناءة حول تطوير المنصة وتحسين أدائها وخدماتها خلال المراحل القادمة من عمرها، مما يعكس نهجاً تشاركياً في التطوير المستمر.
انطلاق تجريبي وتوسع مستقبلي
تُعد منصة "المرأة العربية في العلوم" خطوة رائدة وجوهرية على طريق تحقيق المساواة بين الجنسين في المجالات العلمية والأكاديمية في العالم العربي. كما تُعَد أداة استراتيجية لدعم الابتكار المفتوح ودفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة في مصر والمنطقة العربية بأسرها، عبر الاستفادة المثلى من الكفاءات العلمية النسائية.
تم إطلاق المنصة رسميًا بشكل تجريبي، مع بدء التشغيل الفعلي في كل من مصر والسودان. وجاء في خطة العمل المعلنة أن المرحلة القادمة ستشهد توسعًا تدريجيًا ليشمل خدمات المنصة بقية الدول العربية، لضمان وصول فوائدها لكافة العلمات والباحثات في المنطقة.
يؤكد هذا التعاون البناء بين منظمة اليونسكو والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري على التزام الطرفين الراسخ بتمكين المرأة العربية وإتاحة الفرص الكاملة لها للمساهمة الفعالة في بناء اقتصاد المعرفة وتعزيز منظومة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة ويبني مستقبلاً أكثر إشراقًا وإبداعًا للعالم العربي.