بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إطلاق جائزة للحوار والديمقراطية..

بعد 3 عقود على "أجندة السلام".. الجامعة العربية تبعث رؤى بطرس غالي من جديد

بوابة الوفد الإلكترونية

في لحظة تجسد تواصل الأجيال الدبلوماسية، احتضن مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة إطلاق "جائزة بطرس بطرس غالي للحوار والديمقراطية والسلام". هذا التكريم ليس مجرد اسم على جائزة، بل إحياء لرؤية رجلٍ حول الدبلوماسية إلى فن لبناء السلام، في عالمٍ يئن من صراعات معقدة.

 جاء الإعلان في كلمة ألقاها السفير أحمد رشيد خطابي نيابة عن الأمين العام أحمد أبو الغيط، لتذكير العالم بأن حلول بطرس غالي المتكاملة: "الدبلوماسية الوقائية" و"ديمقرطة العولمة" و"إصلاح الأمم المتحدة"، ما تزال شعلة تنير درب الأمل رغم تعقيدات القرن الـ21.  

في كلمة افتتاحية حملت تحيات أبو الغيط، وصف خطابي الراحل بطرس غالي بأنه "علم منحوت في سجل التاريخ"، وقال خطابي:"لم تكن إسهامات الراحل سياسيةً بحتة، فقد ترك إرثاً فكرياً يضم أكثر من مائة مؤلف، منها دراسته الأولى بالإنجليزية "جامعة الدول العربية 1945–1955"، كما أسس مجلتي "الأهرام الاقتصادي" و"السياسة الدولية" الرائدتين. وفي محطته البارزة كرئيسٍ للمنظمة الدولية للفرنكوفونية، حولها إلى فضاءٍ ثقافيٍ مفتوحٍ على العالم، مؤمناً أن التنوع اللغوي أداةٌ لنشر السلام وثقافة الحوار دون المساس بالسيادات الوطنية.

وأوضح خطابي أن هذا التكريم استحضار رؤى رجلٍ حوّل الدبلوماسية إلى فن بناء الحضارات، في لحظة تواجه فيها المنطقة تحولاتٍ جيوسياسيةً تستدعي إحياء فلسفة بطرس غالي القائمة على الحوار كجسرٍ فوق هوة الصراعات. الجائزة ليست مجرد وسامٍ لذكرى راحل، بل إعلان عربي بأن أدوات السلام التي صاغها أول أمين عام عربي للأمم المتحدة ما زالت صالحةً لعصر تتسارع فيه النزاعات وتتآكل فيه الثنائيات التقليدية.

وأوضح أن الجائزة تحمل اسم الراحل تعبيراً عن الوفاء لمسيرة دبلوماسيٍ جمع بين الفكر والعمل، حيث لم يقتصر إنجازه على كونه أول عربي وأفريقي يتقلد أمانة الأمم المتحدة خلال الحقبة الأكثر تعقيداً بعد الحرب الباردة، بل تميز بسعيه الدؤوب لإرساء أسس نظام دولي عادل.

واشار الأمين العام المساعد ان اسم بطرس غالي ارتبط بوثيقة "أجندة السلام" التاريخية التي قدمت رؤيةً متكاملةً لإصلاح المنظومة الدولية، مستندةً إلى أربع ركائز جوهرية: الدبلوماسية الوقائية كأداةٍ لبناء السلام لا إنهاء الحروب فحسب، ثم التنمية المستدامة بشموليتها الاقتصادية والاجتماعية، يليها إصلاح الأمم المتحدة لمواكبة تطلعات الشعوب، وأخيراً دمقرطة العلاقات الدولية كضمانةٍ لمواجهة اختلالات العولمة. وقد جسّد هذه الرؤية في مؤلفه "خمس سنوات في بيت من زجاج".

اختتم خطابي بالتأكيد على أن الجائزة تحمل روح غالي في السعي نحو "عالمٍ مستقرٍ ومنصف"، مذكراً بأن الراحل كرس حياته لخدمة وطنٍ عشقَه وإنسانيةٍ آمن بها.

هذا التكريم يستدعي أكثر من مجرد استذكار؛ إنه اختبار لقدرة العالم العربي على تحويل فلسفة رموزه إلى أدواتٍ فاعلة. ففي عصرٍ تتصاعد فيه النزعات الأحادية، تطرح جائزة غالي نفسها كإجابةٍ على سؤال المصير: كيف نعيد للدبلوماسية العربية دورها الحضاري في بناء السلام؟ الجواب قد يكون في استعادة ذلك المزج الفريد الذي جسده الراحل بين الحكمة السياسية والإيمان الراسخ بأن التنوع جسر لا ساحة معركة.