قطوف
لمسة كتف
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"

تسرّب إلى كتفى هذا الدفء، ربما كنتِ لا تقصدين. أنا كذلك، لم يكن بمقدورى منعه من الانتشار فى جسدى. معذرة، لا يمكننى النظر إليك بعد الآن. أعلم أنك تفكرين، كما أفكر، أن فى ذلك محرمة ما. إن الله رقيبٌ على كل شىء لا سيما الأكتاف. هو فى كل مكان، نعرف سويا. يحرّك عجلات القطار، يحافظ على يقظة السائق، ويملأ الفراغ بين كتفينا وفى صدر كل واحد منا. لذا، ليس من الغرابة أن نتخيل مشهدا وهو يترك تلك المساحة الضئيلة التى كانت له، مديرا ظهره لنا، ماشيا مِشية درامية كتلك على صفحة بحر الجليل، ما إن اصطدمنا بفعل هدهدة الطريق وضميرانا اللذان غفوا ثوانى، هذا عددها. لم تعد له تلك المساحة إذ اخترنا ذلك. صحيح. أتصورك الآن والعيون المتلصصة تنهل من عرق جبينك. هل أنت شقراء؟
أما هذا المشهد، بالمناسبة، كان لابد أن يبدو أبرح مما تبدّى لتلك العيون فقيرة الدفء، هذا خطؤهم لا خطأنا! لسنا زناة نستحق الرجم، ربما فقط لصوص، سطونا على مساحة الرب لدقائق قليلة. نعترف بالذنب لكن لا نعترف بدوامه أمد الدهر، كما لا يمكن، بسبب نشوة كتفين أن نُعد شياطين وكل جلاس المقاعد المقابلة هؤلاء ملائكة.
قطعا، لا نروّج لانتشار الفاحشة، لا سمح الله، بل، أسمعك تهمسين بذلك، طيب.. ماذا سنفعل؟ كيف نسدد لهذا الكون ثمن نشوة كتفينا؟ ألا توجد طريقة منصفة نكفّر بها عن هذا الذنب؟ ألم يذكر الشرع تلك التفصيلة الدقيقة؟ هل تناول القانون مثل تلك الجُنح؟
لماذا أشعر وكأن كل عين من هذه العيون المصوّبة نحونا تحمل شريعة لا تغفل حدّ لمس الأكتاف، فى مقلتها؟
على العموم، أنت أو ربما أنا سوف ننزل المحطة القادمة. وهذا هو المهم. هذا، اسمحى لى، ما -خفف به الذنب عن نفسى كى ما أستطيع الانتظار حتى وجهتى: أن ذنبينا لن يدوما كما قد يُهيأ لشرائع تلك العيون. افعلى ذلك إن أردتِ. إنه مخدّر جيد.
سوف أنزل القادمة.. إلى اللقـ.. أى.. أين ذهبت؟ لقد فاتنا أن يعرف كل منا الآخر!
يا إلهى! أخشى أن نظراتى وشَت بأى مما دار برأسى. كم أشعر بالخجل الآن وكأن حاجتى قد تعرّت أمام كل هؤلاء. عيونهم تقول إنهم يعرفون الكثير. ما لهم يبدون كأنهم ليسوا فى حاجة إلى مثل هذه الأشياء؟
