بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«ترامب وماسك وبوتين... أطفال فى «صندوق الرمل»

بوابة الوفد الإلكترونية

فى مشهد غير معتاد يعكس مزيجًا ساخرًا من السياسة والطفولة، أطلقت روسيا مسلسل رسوم متحركة جديدًا للأطفال يحمل عنوان «Sandpit» أو «صندوق الرمل»، تظهر فيه نسخ كارتونية بوجوه طفولية من قادة عالميين، من بينهم دونالد ترامب، إيلون ماسك، فلاديمير بوتين، إيمانويل ماكرون، كيم جونغ أون، ورجب طيب أردوغان، وهم يناقشون الجغرافيا السياسية فى ساحة لعب افتراضية. المشروع من إنتاج فلاديمير سولوفيوف، أحد أبرز أبواق الدعاية الروسية، ويستهدف جمهور الأطفال فى سن ما قبل المدرسة بهدف «غرس الوطنية» وتلقينهم فهمًا مبكرًا لما يسميه الكرملين «السياسة الكبرى».

المسلسل، الذى نشر مقطع دعائى له على منصة تيليجرام، يفتح نافذة لخيال سياسى ساخر حيث يظهر كل زعيم بخصائص رمزية توحى بمكانته أو ماضيه. ترامب يرتدى بدلته الزرقاء المعتادة وربطة عنق حمراء، ويحتفظ بتسريحته الشقراء الشهيرة، فى حين يظهر بوتين بزى الجودو الأبيض، يحدق إلى سفينة لعبة سوداء قد ترمز لأسطوله فى البحر الأسود. أما إيلون ماسك، فيبدو مستغرقًا فى اللعب بسيارة تسلا سايبرترك، ويشبك كيم جونغ أون ذراعيه حول نموذج صاروخ، فى إشارة واضحة إلى طموحاته النووية.

يظهر أحد مشاهد المسلسل القادة الأطفال وهم يتواصلون عبر مكالمة فيديو، حيث يقترح كيم الساخر إقصاء ماكرون من الرحلة الجماعية إلى إسطنبول بسبب قربه من «جدته»، فى إشارة لزوجته بريجيت التى تكبره بـ25 عامًا. أما بوتين فيسخر من ترامب قائلًا إنهم يستخدمون منصة روسية للفيديو لأن «سكايب تبعك انتهى»، فى تلميح إلى إغلاق مايكروسوفت لمنصة مؤتمرات الفيديو مؤخرًا.

وأسفل شاشات الفيديو، تظهر صور رمزية لكل زعيم: ترامب كبابا يبارك الحشود، فى إشارة إلى منشوره المثير للجدل الذى نشره على مواقع التواصل بعد وفاة البابا فرنسيس، بينما يظهر بوتين فى هيئة دب يرتدى قبعة عسكرية سوفيتية، ويظهر كيم كسحابة انفجار نووى.

شركة «سولوفيوف لايف»، التى أنتجت العمل ومولت المشروع، وصفت العرض بأنه «خطوة طموح نحو المستقبل»، حيث يبدأ تكوين الوعى السياسى لدى الأطفال منذ الصغر. وأكدت الشركة أن الهدف هو إتاحة مناقشات الجغرافيا السياسية بنفس سهولة مشاجرات الأطفال حول الألعاب فى صندوق الرمل.

وقالت فى بيانها الترويجي: «فى برنامج SolovyovKids، يغرس الحس الوطنى منذ الحضانة، ويتطور التفكير التحليلى قبل أن يتعلم الطفل الأبجدية. لقد حان الوقت لإعادة النظر فى طبيعة برامج الأطفال».

يأتى المسلسل ضمن حملة متسارعة من الكرملين لإعادة تشكيل المناهج والمواد الإعلامية المخصصة للأطفال بما يتماشى مع رؤية فلاديمير بوتين للعالم. ففى يناير الماضى، أدخلت تعديلات جذرية على كتب التاريخ المدرسية، شبّهت الغزو الروسى لأوكرانيا بالحرب السوفييتية ضد النازيين، ووصفت العملية العسكرية بأنها «مسألة بقاء وجودي» للشعب الروسى. كما أُطلق أول كتاب دراسى حول تشغيل الطائرات بدون طيار، من إنتاج شركة مرتبطة بابنة بوتين، ضمن خطة حكومية لتدريب مليون مشغّل طائرات بدون طيار بحلول عام 2030.

سولوفيوف، الذى فرض عليه الاتحاد الأوروبى وبريطانيا عقوبات لنشره معلومات مضللة تدعم الحرب، يعتبر من أكثر الشخصيات إثارة للجدل فى المشهد الإعلامى الروسى. وهو معروف بتصريحاته النارية، حيث وصف الأوكرانيين بأنهم «يخدمون الشيطان» ويخضعون لحكم «الفاشيين»، كما اتهم المخابرات البريطانية زورًا بالوقوف خلف مذبحة المدنيين فى بوتشا عام 2022، مدعيًا أن الموقع اختير بسبب تشابه اسمه مع كلمة إنجليزية. وفق التليجراف البريطانية.

إطلاق مسلسل «صندوق الرمل» لا يبدو فقط محاولة لترفيه الأطفال، بل يعكس بوضوح اتجاهًا أيديولوجيًا لإعادة رسم صورة العالم لدى الجيل الجديد فى روسيا، من خلال رموز شعبية وسخرية سياسية موجهة بدقة. وبينما يرى الغرب فى هذا العمل نوعًا من غسل الأدمغة المبكر، يحتفى أنصار الكرملين به كأداة ذكية لإعداد المواطنين الصغار لعالم يعتبره قادتهم معاديًا.