بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الصميم

أزمة العلاج... وأوجاع المرضى

تسعى مصر جاهدةً نحو التحول الرقمى كجزء أساسى من استراتيجية مصر الرقمية، بهدف تحسين وتطوير جميع الخدمات الحكومية وفقًا لرؤية مصر 2030. تشمل هذه الجهود رقمنة نظم العمل فى القطاعات المختلفة، بما فى ذلك المستشفيات العامة والتعليمية والجامعية والمرافق الطبية التابعة لوزارة الصحة، إضافة إلى المستشفيات التابعة لهيئة التأمين الصحى، خصوصًا فيما يتعلق بقرارات العلاج على نفقة الدولة.
ومع ذلك، فقد كشفت عمليات تطبيق هذا النظام فى قطاع الصحة عن إخفاقات كبيرة، أبرزها التأخير المتكرر فى إصدار قرارات العلاج للمرضى. من المفترض أن يساعد نظام الرقمنة فى حل أزمة الطوابير وتسريع الإجراءات، إلا أن التنفيذ العملى أظهر عكس ذلك. هذه الفجوة لا تُعزى إلى الرقمنة نفسها، بل إلى قصور فى النظام الإدارى وعدم كفاءة الموظفين المسئولين عن تسجيل البيانات وإدارة ملفات المرضى عبر نظام الوزارة. والنتيجة: فوضى تأخير القرارات، ما يزيد من معاناة المرضى.
هذه الآثار السلبية ليست بسيطة؛ فمن يتحمل مسئولية الأوجاع المستمرة لآلاف المرضى، وخاصة المصابين بأمراض مزمنة مثل الأورام وأمراض الكلى؟ ماذا عن معاناة كبار السن الذين تتأخر قرارات العلاج الخاصة بهم لجلسات علاجية ضرورية مثل الغسيل الكلوى أو علاج أمراض مثل السكرى والضغط؟ لا يمكن القبول بأن يتحمل المرضى وأسرهم تكلفة مادية ونفسية كبيرة نتيجة أخطاء إدارية أو سوء تنظيم، حيث يضطر المريض للعودة إلى المستشفى مرارًا وتكرارًا لاستكمال إجراءاته، ويتكبد فى كل زيارة نفقات مواصلات قد تتجاوز دخل يومه أو شهريته المحدودة.
هذه الإخفاقات تدعو للسؤال: أين حقوق المرضى؟ وأين احترام آدمية الإنسان؟ لا يكفى الحديث عن المخصصات المالية الضخمة الموجهة لقطاع الصحة – والتى بلغت هذا العام نحو 496 مليار جنيه، وهى الميزانية الأكبر فى تاريخ الوزارة – إذا لم يتم استخدامها بكفاءة لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى.
نناشد الدكتور وزير الصحة والسكان ونائب رئيس الوزراء، وكذلك الدكتور رئيس هيئة التأمين الصحى، باتخاذ خطوات حاسمة لتحسين هذه الأوضاع. ينبغى وضع آليات وضوابط واضحة تلتزم بها المستشفيات لضمان سرعة إصدار قرارات العلاج. يجب تحديد سقف زمنى منذ دخول المريض المستشفى وإجراء الفحوصات المطلوبة وحتى إتمام إجراءات قرار العلاج. لابد من مراجعة الاتفاقيات مع المستشفيات الخاصة والتوسع فيها، مع ضمان أسعار مناسبة للمرضى وفقًا لبروتوكولات وزارة الصحة، بالإضافة إلى تكثيف الرقابة لضمان جودة الخدمات المقدمة؛ وعلاوة على ذلك، يجب أن نضمن توفير الأدوية المطلوبة بالفعل لحالات المرضى بدلًا من الاكتفاء بما يتوفر حاليًا داخل صيدليات المستشفيات من أدوية قد لا تناسب حالتهم الصحية.
ما دفعنى لكتابة هذا المقال اليوم هو التجربة الشخصية وشهادات متكررة من مرضى تعاملوا مع هذا النظام المعطل، حيث أصبحت شكاوى تأخير قرارات العلاج مصدر قلق دائم لآلاف من أبناء الوطن. فى إحدى الحالات التى أتتنى، انتظر أحد المرضى جرعة علاج كيماوى حرجة جدًا، لكنه فوجئ بعد وصوله المستشفى أن القرار لم يرفع على النظام. كيف يمكن أن يقع خطأ كهذا فى وقت حرج كهذا؟
أمام هذه التحديات المتكررة، تبقى رسالة واحدة لكل مسئول عن تقديم خدمات صحية للمواطنين: نفذوا روح رؤية مصر 2030 التى تضع حقوق الإنسان وجودة الحياة فى مقدمة أولوياتها. المرضى ليسوا مجرد أرقام فى نظام إلكتروني؛ هم بشر بحاجة ماسة إلى الرعاية والدعم الإنسانى الفعلى.
[email protected]